الأمية الفكرية عند شعراء النبطي - وسوم عبدالله السالم : مدونة شخصية قطرية ثقافية

الشعراء الشعبيين والأمية الفكرية

الأمية الفكرية

“.. هؤلاء الذين تخلصوا من الأمية العادية، لا بد من تشجيعهم على التخلص من الأمية الفكرية ، وذلك باختيار سبل عديدة من أهمها الآن وضع الكتاب الجيد بين أيديهم ليعرفوا كيف يقرؤون وكيف يفيدون من القراءة”.

د. أحمد سليمان الأحمد – البعث – 1974.

وفرة الشعر وضحالة الفكر

الشعر هو أبلغ الوسائل للوصول إلى الجمهور وذلك بعد المسلسلات التلفزيونية في رأيي.

والشعر النبطي على وجه الخصوص له في ذلك الباع الأطول في منطقتنا الخليجية.

فهناك شعر في التلفزيون وفي الصحف وفي المجلات وفي المهرجانات وفي الأمسيات وفي الإنترنت وربما في القريب سنرى الشعر يغزو الإعلانات التجارية التي ترفع الضغط للأجبان والمكيفات وملابس الأطفال.

إنه حاضر بقوة في أكثر مجالات الحياة، لذا لابد أن يكون له من التأثير ما يتوازى مع قوة حضوره.

هذه مقدمة ستقودنا إلى هذا التساؤل المخيف: ما الذي إذن يصدّره لنا الشعر وهو بهذا الحضور والتأثير؟

لنتصور أن الذين يقدمون لنا الشعر ينتسبون خفية لإحدى المنظمات السياسية أو الأخلاقية أو العقدية المغايرة، ألن يستطيعوا تمرير قناعاتهم من خلال هذاالضخ المتواصل للشعر؟

أراهن أنهم حتى لو كانوا ينتمون لمنظومات فضائية ليست من كوكب الأرض إطلاقا لاستطاعوا وبسهولة اختراق مجتمعنا الطيب جدا والاستهلاكي حتى في أفكاره.

إلا أني أطمئنكم أننا لسنا في خطر أبدا، ليس لأننا محصنون جيدا ضد الأشياء المستوردة وإنما لأن السواد الأعظم من الشعراء النبطيين والقائمين على الشعر النبطي أناس مسالمون جدا ولا يحملون أية أفكار غريبة ولا مخططات سرية، بل إنهم لا يحملون أية أفكار أبدا، والجيد فيهم من استيقظ متأخرا على درس الثقافة.

إنهم مبتلون بالملكة الشعرية الأولية وبالإحساس الشاعري الدافئ فقط، ثم وجدوا أمامهم مؤسسات حكومية وجماهيرية واسعة الانتشار تقدم لهم إغراءات لا تقاوم.

صناعة النجومية لتمرير الأمية الفكرية

أيها الشاعر تعال وأنت تحمل فقط ورقة، مصفوف فيها عدة أسطر متساوية الأطراف ومنتهية بقافية واحدة ولك في المقابل سنة كاملة من الترويج الجماهيري الواسع، المدرسة الشعرية، النجم، الشاعر الجماهيري، فلتة القرن الواحد والعشرين، قمة الهرم، مفاجأة الموسم، الخ.

هؤلاء مواد تسويقية للمنتجين على اختلاف مذاهبهم، إنهم يستعملونهم كورق الإعلان الملصق على لافتات تجارية منصوبة على مجامع الطرق، دعاية لمنتج موسمي يلائم فترة الصيف مثلا، ولذلك يحرصون دائما على صناعة المبدع هذا في الخفاء ولا يتركونه يتحدث مع الجمهور وحده كي لايظهر الهشاشة قبالة الشاشة.

لذا نرى العديد من شكاوي الشعراء المحالين للتقاعد باكرا من خذلان الأصدقاء لهم وإزاحتهم وتغييبهم.

إنهم لم يفهموا اللعبة منذ البداية، لذا صعدوا المسرح سريعا وسقطوا سريعا.

وحده المسلح بالفكر لا يستطيع أحد التلاعب به حسب متطلبات السوق، يعرض لفترة قصيرة في شاشة النيون ثم يسقط ليحل محله إعلان آخر، لا، إنه ينتصب كمعلم حقيقي، لا يختفي ولا يتزحزح.

مشكلة شعرائنا الشعبيين الآن مشكلة فكر، أو بالأصح مشكلة الأمية الفكرية .

عندما نقلب العديد من الصحف والمجلات أو نشاهد لقاء تلفزيونيا أو حتى نتجول في ردهات المنتديات الكثيرة في الإنترنت نجد أن المشكلة هي هي قائمة في كل مكان، الفكر، أو فنقل رداءة الفكر، وعلى أحسن تقدير الأمية الفكرية .

دواء الأمية الفكرية

الفكر ليس شيئا دوغمائيا لا تعرف الطريقة لتحصيله، إنه نتاج القراءة والتعلم، أما الذي لا يقرأ أو لا يحسن القراءة فلن يحسن الكتابة بالتأكيد، فالملكة الشعرية وحدها لا تكفي.

والقراءة هنا ليس المقصود بها المفهوم القريب، فالكثير من شعرائنا ذوي شهادات جامعية أو ثانوية على أقل تقدير، وإنما المقصود بالقراءة التزود الفكري من تجارب الآخرين بشكل مستمر، تجاربهم في الأدب وفي الفن وفي السياسة وفي الاجتماع وفي علم النفس وفي كل ما من شأنه إنارة الفكر وتمرينه.

من هنا يستطيع الشاعر أن يستخدم موهبته في طرح أفكاره الخلاقة ويتفاعل مع الجمهور مباشرة بدون وسطاء تجاريين.

إننا لا نحتاج للمزيد من البحث كي نبرهن على هذه الأمية الفكرية المنتشرة بين نجومنا المدعين، لك أن تتناول أقرب مجلة لديك وتقرأ أول لقاء تقع عليه عينك لتجد نموذج الخواء الفكري في أبشع صوره.

لقاء قد بسط في صفحتين على الأقل بأفخر أنواع الإخراج، وربما قد أعلن عن هذا اللقاء في عددين سابقين أو ثلاثة بعبارة: ترقبوا المفاجأة التي لا تتكرر، اللقاء الخالد مع أعجوبة العصر .. إلخ.

لتكتشف أنك لم تخرج من هذا اللقاء إلا بمعلومات لا تعنيك أبدا، عن أكلة الضيف المفضلة وعن عاداته الخاصة في يوم الخميس وعن إشاعات حوله مفادها أنه لا يحبذ المعكرونة بالطماطم.

لتصطدم أخيرا بالكلمة التي يختم بها اللقاء الكوني الخالد!

فقر .. فقر .. فقر ، والمزيد من الفقر فقط.

والمصيبة أن هذا الفقر بعدي، فالقارئ أو المشاهد الناشئ الذي يتشرب هذه التمثيليات الرخيصة سينمو بهذه السطحية والجفاف الفكري ولكن بكثافة أكبر، حيث أنه سيتخذ من هذا النجم الملمع قدوة له، كما يظهر هذا كثيرا عند السؤال: من هو شاعرك المفضل؟

وكما هو معروف أن المقتدي لا يبلغ غايات قدوته، فلك أن تتصور بشكل مرعب مقدار الخواء الذي سنخرج به كلما كررنا العملية.

قرأت مرة في أحد هذه اللقاءات الكونية الخالدة جوابا لأحدهم وقد سئل: ماذا تقول في الشاعرة نازك الملائكة؟

فأجاب: هذي من الإنس ولا من الجن؟

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

10 تعليقات

  1. يقول على فااالي...!:

    ياونتي..ونة..خلوج..الدماميسي..!
    إن قام… محتاس ٍ..وإليا..قعد..ون!!

    تك تك تك…صح لسانك…!!
    صح..بدنك..!!

    بدو..وفكر..من سدو..!

    أميّه..ميه..بالميه…!!! وعاش ابوجادل…ولاتقل ..بيب..لأنك في تل أبيب…!!

    http://www.youtube.com/watch?v=LiC0fI9K-rw

    دمت..سالما ً..ياعبدالله..!!

  2. يقول خديجة:

    سلام,,,
    أبشر تم طال عمرك

  3. مخك تجاري يا بنت

    طيب خلاص أول شيء نجرب نفتح المكتب ، وأنا الشاعر وأنت مديرة أعمالي ونشتغل كم شهر ، ولما خلاص يملونا الناس نروح نغير الديزان ونسوي نيو لوك ، وتصيرين أنت الشاعرة وأنا مدير أعمالك ، وبعدين نصير نجيب شعراء بالمقطوع والدوام الجزئي والجملة والمفرق ونسترزق زي الناس .

  4. يقول خديجة:

    سلام,,
    ما عندي ايتوها مشاكل بس بما انوا احنا في زمن الفهلوة والشطارة لو تسمع كلامي نفتح مكتب توظيف شعراء لأنوا لو فتحنا مكتب و صرنا نشعر في يوم يومين و موضتنا بتخلص أما اذا فتحنا مكتب توظيف شعراء فحنقدر كلوا ما واحد موضته تخلص نجيب غيروا و صدقني ماحد يكسب اكثر من الشعراء و المغنيين إلا مديرين أعمالهم :^

  5. خديجة :

    شرايك نفتح مكتب أنا وياك ؟

  6. متابعة :
    إن وصلوا إلى الفقر وغلاء المهور فهذا إنجاز .
    المشكلة أنهم لا يزالون يتمتمون حول مآثر شيخ القبيلة قبل ميتين سنة ، حين قتل ابن عمه في غارة همجية قبل صلاة الفجر لأجل ناقة صهباء تدعى معيضة .
    أو حول أرداف سارة حينما يهب النسيم من خلفها .

    فإذا خذلتهم الظروف المادية توجهوا لمدح أصحاب النيافة والسعادة والوناسة .

  7. سعيد :

    يالله على يدك : )

  8. يقول خديجة:

    سلام…

    كلوا بقى تجارة بقت على الشعراء المساكين خليهم يترزقوا :^,,

  9. يقول متابعه:

    كما ذكرت كثير من الشعراء الشعبيين لازال ينظر للشعر بمنظار ضيق…هي ذات القضايا الفقر / وغلاء المهور :#

    او تسطيح النظره وذلك بمباركة الصحافه الشعبيه التي تزيد من الطين بله والامسيات التي لا تخرج الشاعره فيها عن ( شاعرة السكسوكه)

    متى تنتهي هذه الظاهره

    عندما يصبح الاعلام الشعبي بأيدي مفكرين لاشعراء بلاط وشاعرات هشك بشك :*

  10. يقول سعيد العيدة:

    صدقت في كل ماذكرت الساحه والشعراء الشعبيين يحتاجون الى ثقافه أكثروالتخلص من هذي الأميه
    تحياتي

اترك لي أثرك