التدوين العربي والمدونون العرب ووهم الإنجاز – وسوم عبدالله السالم : مدونة شخصية قطرية ثقافية

التدوين العربي كذبة إلكترونية

التدوين العربي

التدوين

جِدة التدوين العربي

التدوين فن جديد لذا التدوين العربي أجدّ.

جديد نسبياً على عالم الإنترنت الذي بدأ عربياً بالمنتديات والمواقع الشخصية ونقاط التسوق وصفحات المحادثة (الشات)، وبعد ذلك عرف المتسكعون العرب (إنترنتياً) ما يسمى بالتدوين.

هبّ رجال الإنترنت العرب ونساؤه وفتيانه وأطفاله وسلاتيحه المزيفين إلى عالم التدوين جماعات ووحدانا.

ما الذي يحتاجونه؟ لا شيء فقط كيبورد سليم من بقع الشاي والحليب ورماد السجائر، أي كيبورد يكتب جيدا بكامل أزراره، وسلك تلفوني عادي.

هذا رأس مال المدون العربي المقدام، أما هل يلزم أن يحمل في رأسه شيئا يستحق نشره للناس؟ فهذا آخر هموم المدون العربي الفلتة.

انتشرت مفردة التدوين والمدونة والمدون والمدونون، وهي كلها ألفاظ لمعنى واحد، مساحة حرة يستطيع فيها المستخدم للإنترنت أن ينشر ما يريد، صور ومقالات وأشعار ويوميات وهموم وخرافات وسرقات وسخافات وقلة حيا وإلخ.

الفرق بين المدونات والمنتديات

ما الجديد إذن؟ ألم نكن نستطيع فعل هذا من خلال المنتديات والمواقع الشخصية؟

بلى، لكن المنتديات كانت تحكمنا بقوانين ومراقبين، والمواقع الشخصية كانت تتطلب منا مبرمجين ومصممين، أما المدونات فهناك قوالب جاهزة، وهناك أيضا مبرمجون نشطون يوفرون لنا كل ما نحتاجه من إضافات لاحقة.

فقط ما علينا إلا كتابة ما نريد نشره على لوح المفاتيح، لنجد أنفسنا نعتلي منبراً عالمياً يسمعنا الناس من خلاله.

بداية الأمر اتجه المدونون العرب إلى التدوين عن التدوين نفسه، كان الأمر تقنيا بحت، مقالات متراكمة عن لغة الـ php والجافا سكربت والهتمل والبقية، فيما لم يكن ثمة مادة فكرية أو علمية خارج نطاق البرمجة تميز المدون أو التدوين العربي.

التدوين العربي التقني

ظهر على السطح حينها مدونات تقنية مثل سردال وأحمد الهاشمي وعبود وسوار ، وهؤلاء ركزوا على الجانب التقني والتعليمي ليفتحوا الطريق لغيرهم إلى عالم التدوين العربي.

وهم على أهمية ما يقدمونه من نصائح وترجمة وشرح للقوانين التقنية التي تصدرها لنا الشركات التقنية الكبرى لا يشكلون أكثر من مجرد دعم فني لبرامج المدونة، وليسوا من التدوين في شيء.

وهناك من تشبه بهم وليس منهم وزاده في ذلك القليل من التجربة والحماس وحب خدمة الآخرين مثل الدكتورة والمصمم الكلاسيكي وغيرهم.

فيما ذهب البعض إلى اختزال التدوين في مجرد نسخ ولصق ما يعجبه من مقالات من هنا وهناك، وكأنه يفتح لنا نافذه على مكتبه الصباحي الصغير الممتليء بالجرائد والمجلات والكاسيتات وعلب الأندومي الفارغة (للبنات فقط).

إذاً التدوين العربي عبارة عن فسحة للمستخدم السايبيري أن يطلعنا على ما يريد أن يطلعنا عليه بدون منهج أو قواعد محددة.

حتى أني قرأت مدونة كاملة لأحدهم افتتح مدونته بإعلانه أنه يبحث عن زوجة، وكتب ما يزيد على 70 تدوينة يصف فيها بالتفصيل أحداث أيامه وهو يستعين بأمه لخطبة فتيات في مدينته، حتى وصل إلى آخر تدوينه أنه تزوجها وسيغلق المدونة!

لا بأس هذه مدونة مثيرة وقد أحببتها، لكنها غريبة وخاصة جداً.

ما التدوين وما قواعده؟

وكيف تقام ندوات هنا وهناك بعنوان التدوين العربي والمدونون العرب، ونحن إلى الآن ليس لنا فيه أي منهج معتبر؟

قرأت العديد من الندوات والتغطيات الصحفية والمقابلات التلفزيونية والصحفية مع مدونين عرب، البعض منهم كانوا شبانا وفتيات في عمر 18 و 19، ويتناولونهم في اللقاء كأنهم من العمالقة العباقرة الذين فتح الله على أيديهم ما اغلقه على الآخرين!

وذاك فقط لأنهم تحت عنوان: المدونون العرب، هذا الاسم الجديد المثير الذي يجعلك تظن ان خلفه تنظيم سري عالمي.

التدوين ليس بشيء كبير، وإن رجعنا للعربية فهو يعني كتابة أحداث متفرقة يوميا أو سنويا أو حسب الحاجة، أو مجرد الكتابة فقط، ومن هنا يجب على المدون أن يكون ذا ثقافة ووعي وعقلية جميلة كي يجعل من أحداثه اليومية مواضيع مهمة، أما الفارغون فماذا سوف يدونون؟

كأنك تجلس مع أحد البسطاء يتحدث لك عن أغنية جيدة سمعها وإشاعة غريبة مرت عليه وأنه عصر البارحة قابل سعدون صاحبه وطلبا وجبتين من ماكدونالز فجأة.

أنا لا أقول للمدونين كفوا عن كتابة يومياتكم، ولكن أقول لهم خفوا علينا، خففوا من تهويل ما تكتبونه لنا وكأنه فتح رباني لم تسبقوا إليه، لأن العالم عرف منذ وقت مبكر كتابة التاريخ والسير والمذكرات اليومية وأدب الرحلات والمغامرات والروايات والقصص، وما التدوين إلا شكل من أشكالها.

صحيح أن هناك مدونون تميزوا بمدوناتهم ولكن ليس لأنه تدوين فقط، بل بما يقدمونه من أخبار جديدة وأسرار مدفونة وصور ممنوعة، كالذين يدونون عن تجاوزات الأنظمة الحاكمة وأتباعها فيما هي ممنوعة علينا، أو بما ينشرونه من أسرار ويوميات خاصة لهم فيما نحن مفتونون بحب الفضيحة والإفشاء وكشف العورة، وهكذا..

إذن تعود أهمية المدونة لأهمية ما ينشر فيها، تماما كما لو كانت منتدى او موقع شخصي أو إذاعة هوائية حرة، أو قناة تلفزيونية شعبية، أما لكونها مدونة فلا.

معنى المدونة

وأخيرا فالمدونة تعريب موفق للفظة بلوغ = blog = web log وهي بمعنى سجل الشبكة، وهي تطبيق من تطبيقات الانترنت، يعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى.

وبشكل ابسط هي صفحة ويب تظهر عليها تدوينات (مدخلات) مؤرخة و مرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا، تصاحبها آلية لأرشفة المدخلات القديمة، و يكون لكل مدخل منها عنوان دائم لا يتغير منذ لحظة نشره يمكن القارئ من الرجوع إلى تدوينة معينة في وقت لاحق عندما لا تعود متاحة في الصفحة الأولى للمدونة.

هذه الآلية للنشر على الويب تعزل المستخدم عن التعقيدات التقنية المرتبطة عادة بهذا النوع من النشر، و تتيح لكل شخص أن ينشر كتابته بسهولة بالغة.

منصات التدوين

يتيح موفرو الخدمة آليات أشبه بواجهات البريد الإلكتروني على الويب تتيح لأي شخص أن يحتفظ بمدونة ينشر من خلالها ما يريد بمجرد ملء نماذج وضغط أزرار، كما يتيحون أيضا خصائص مكملة تقوم على تقنيات XML Atom و RSS لنشر التحديثات.

وهناك مواقع تقدم مدونات مجانية مثل blogger و wordpress وقد يمكنك بناء مدونة خاصة بك بحساب مدفوع الأجر كما هي مدونتي هذه التي تعتمد على برنامج ووردبريس سابق الذكر.

وأخيرا: أحب أن أقول لطواويس التدوين العربي: على رسلكم وبلا فشخرة زيادة، كل ما في الأمر أنكم نسخ كربونية لمبرمجين أجانب، وتأتون هنا تستعرضون علينا وتبالغون في قدسية مفهوم التدوين العربي والمدونين العرب :).

ورغم هذا كله لا زلنا نعاني في قطر من ندرة المدونات القطرية بكافة درجاتها.

إضافة لاحقة:

للتزود ببعض فنيات التدوين عليك قراءة تدوينة: أهم معايير seo الأساسية.

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

10 تعليقات

  1. فعلا التدوين العربي كذبة كبرى وقد اصبت كبد الحقيقة اخي الكريم عبدالله السالم في هذا المقال واتفق معك تماما ولحد الان شخصيا لم اجد بعد مدونات جادة ذات مادة فكرية أو علمية خارج نطاق البرمجة تميز المدون أو التدوين العربي إلا النزر القليل جدا .

  2. أمل :
    قلتِ للكاتب ؟
    لكني كنت أتحدث عن أكثر المدونات التي لا كتّاب خلفها ، فقط مستخدمو إنترنت عاديين .
    مدونتك جميلة جدا ، جميلة بطريقتك الخاصة في الكتابة .
    اسلمي يا مدونة : )

  3. يقول أمل السويدي:

    تبقى المدونات مساحات ذاتية، وشخصية للكاتب، لكن هل نستطيع تصنيفها ضمن الكذب الإلكتروني ؟
    بناءً على مدونتي الفقيرة إلى ألله، فإن أصدق ما فيها أكتبه، بل أحياناً أجدني أكثر حقيقية في الشبكة من العالم الواقعي، طبعاً لا أعنِ أبداً أن معظم المدوّنين عكس ذلك، فلي حرية الخداع والإدّعاء كما أشاء وأبتغي وأختلق قصصاً وخرافات مثل سيدة عجوز في بيت الحلوى . .
    طبعاً، تميل النساء إلى تصديق الوهم وربما أنا منهنّ،
    فهذا العالم الاقتراضي مضيءٌ كثيراً، ساطع جداً يا عبدالله، وجميعنا يسعده هذا الاحتراق (f) .

  4. شكرا سلمى :
    عني أنا قرأت واستمتعت

  5. يقول سلمى:

    فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.
    هذه دراسة لمشاكل مصرالرئيسية قد أعددتها وتتناول كل مشاكلنا العامة والمستقاة من الواقع وطبقا للمعلومات المتاحة فى الداخل والخارج وسأنشرها تباعا وهى كالتالى:

    1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
    2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
    3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
    4 – العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
    5 – ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
    6 – رئيس مصر القادم .. شروطه ومواصفاته حتى ترجع مصر الى عهدها السابق كدولة لها وزن اقليمى عربيا وافريقيا.
    ارجو من كل من يقراء هذا ان يزور ( مقالات ثقافة الهزيمة) فى هذا الرابط:

    http://www.ouregypt.us/culture/main.html

  6. يقول عبدالواحد محمد:

    الاستاذ عبدالله سالم ..لقد اسعدني تعليقكم كما اتمني نشر مقالاتي في مدونتكم التي اعتز بها ويشرفني ان ارسل اخبار صحفيه من القاهره ثقافيه واجتماعيه وغير ذلك اذ كانت الظروف تسمح ؟؟وعلي هامش الموضوع المذكور عاليه .. اقترح ان ننوه دائما عن الاصدارات الجديده للادباء في وطننا العربي وايضا الاصدارات العلميه لتوسيع ممارسه القاعده في مدونتكم الغراء وغير ذلك مما يحقق الانتشار بلا حدود وتحياتي اخوكم عبد الواحد محمد كاتب ومحرر صحفي القاهره

  7. عبد الواحد :
    أهلا بك ، يسعدني رأيك تأكد .

  8. يقول عبدالواحد محمد:

    الكاتب عبداله سالم بعد التقدير
    التدوين اصبح رافدا هاما وفاعلا حياه كل مثقف مهموم بالكتابه الابداعيه وخاصه الموهوبين منهم لاننا في حاجه ماسه الي فكر جديد لانقف عنده ؟
    ومقالكم يحمل مضمون تنويري رائع وعلي كل مدون ان يعي حقيقه نفسه اولا قبل ان يسطر حرفا فيه سخريه من احد وشكرا عبدالواحد محمد كاتب القاهره

  9. يقول عبدالله:

    الله لا يفقع لك عينا ولا كرشا ولا ماسورة مطبخ : )
    حياك الله يا مدون يا عربي يا مصري
    منور ياد .

  10. يقول المفقوع بن المحدود:

    اولاً احب ان اقول لك انى لست مدعيى للثقافة ولست ممن يحترفون ن المدونات ولكنى اكتب مايدور فى ذهنى كشاب مصرى يتأثر بما حوله, اهتمامك بالقراءة والكتابة تدلعلى انك انسان واعى كأسلوبك فى النقد ووفقك الله

اترك لي أثرك