الغش بين الطلاب المبتعثين للجامعات العربية , ظاهرة الغش , اسباب الغش , الغش , الطلاب المبتعثين
الغش بين الطلاب المبتعثين أصبح ظاهرة للأسف، وخصوصا الطلاب المبتعثين للدول العربية، وللتأكد من ذلك ما عليك إلا أن تسأل أحد الطلاب المبتعثين عن إمكانية الغش وطرقه الخفية.
قابلت مرة أحد الطلاب المبتعثين للدراسة في دولة عربية وهو في حالة إحباط وتذمر، فقلت له:
أبسبب الغربة؟
قال لا.
قلت أصعوبة الدراسة؟
قال لا.
قلت إذن تشدد الأساتذة؟
قال لا، مع ضحكة خفيفة!
قلت فلأي سبب؟
قال السبب هو سيل المبتعثين “مرشحي الضباط” الذين غزوا جامعتنا مؤخراً بفلوسهم الكثيرة.
قلت له: أتحسدهم على رزق الله؟ قال لا، ولكنهم رفعوا أسعار الدكاترة!
هلا بالعيد هلا، حسنا يا صديقي وكم كان سعر كيلو الدكتور وكم أصبح الآن؟
سألته بطريقة لم تشعره أنني أدينه في داخلي وأسناني تصطك من الغيظ!
قال: مثلا دكتوري فلان منذ سنتين بسعر كذا ( ما يعادل ألف وخمسمئة ريال ) عندما كلمته هذا الفصل قال لي: السوق تغير، أما ادفع كذا (ما يعادل خمسة آلاف ريال ) مثلك مثل باقي زملائك الطلاب المبتعثين القطريين، ركز القطريين، لكل دولة سعر، أو رجاء لا تسجل المادة معي.
وأردف صديقي الطالب الغاضب:
كل واحد منهم أودعوا في حسابه 200 ألف ريال عند الابتعاث تحت بند تحسين أوضاع، وهم أطفال للتو خرجوا من البيضة ورأوا الدنيا فأخذوها من أسهل أسبابها .
قلت وما آلية الدفع لهؤلاء الدكاترة ؟ هل هو في القاعة أمام الجميع وللدكتور صندوق كاشير على الطاولة يستقبل عليها الرشاوي ويقطع إيصالات بعملية الدفع؟
قال لا، معاذ الله، جامعتنا عريقة وشريفة لا تقبل هذه الممارسات اللا أخلاقية، ونحن أيضا قوم كرام النفس لا نقبل الغش وهذه التصرفات الدنيئة ولكن يحدث هذا بطرق مختلفة.
سألت صاحبي وكأنني معجب بما يفعل، حسنا ما الطريقة؟ فقال:
مثلا يحضر الطالب ثاني محاضرة في الفصل ومعه دوسية المادة، يدس المبلغ المطلوب داخل الأوراق، ثم يذهب ويجلس في شقته طيلة الفصل ولا يحضر إلا يوم الاختبار.
وهناك طريقة سرية لتعريف الطالب عند الدكتور بكونه أحد أعضاء نادي الارتشاء الذهبي من خلال وضع خطين صغيرين تحت الإجابة الأولى والثالثة في ورقة الإمتحان النهائي، وهو “كود ” سري يشبه كلمة السر بين أعضاء السي آي ايه، ويتغير كل فصل.
وأخبرني صديقي الطالب أنه في إحدى المرات جاء الدكتور على رأسه في الاختبار وقد كتب الكود السري فصرخ الدكتور به فجأة ونزع ورقته وطرده قائلا أمام الطلاب: أتغش أيها المحتال؟ هيا اخرج ولتعلم أنك راسب، لكنه تفاجأ لاحقا أنه ناجح نوتيجته كانت 91%، وكان الدكتور بهذه التمثيلية يريد أن يختصر الوقت عليه ويترك انطباعا لدى بقية الطلاب والجامعة أنه أستاذ جاد لا يتهاون وليس لديه حركات يمين يسار.
عاد وسألني صديقي الطالب الغشاش عن أوضاعنا في جامعتنا وأساليبنا ” الغشية ” من باب تبادل الخبرات والمصالح الثنائية بين الطالبين ، وحين اعترفت له أني لا أغش ولا أظن جامعتنا تسمح بذلك:
أولاً أكد لي أن له أصدقاء في جامعتنا وهم يخبرونه أنهم بخير وينجحون دوما ولكن أسلوب جامعتنا مختلف قليلا وأيضا لدى قلة من الدكاترة ، والأسلوب عبارة عن تقديم الهدايا العينية وتحسين العلاقة الشخصية وتقديم الوعود والتسهيلات والخدمات لا المال النقدي ، وكما سبق هذا أيضا على نطاق ضيق.
ثانيا تغير وجه صاحبي الطالب الغشاش وضاق بي وقفز فجأة للسؤال الاجتماعي الشهير عند انقطاع الحديث أو الرغبة في تغييره : إيه وأخبارك بعد؟ ثم استأذن وذهب .
صباح الخير
هل هذا الطالب تابع لكم؟ وهل يهمكم أمره؟ وهل لديكم متابعة خاصة لمسألة الغش بين الطلاب المبتعثين ؟
هؤلاء الطلاب سيعودون للوطن بعد أربع سنين محملين بالتهاني وشهادات البكالريوس وربما البعض منهم سيكمل الدراسات العليا بنفس الطريقة، وحين يعودون للوطن سيتسنمون المناصب الوظيفية العليا، رئيس قسم، مدير إدارة، ضابط شرطة، مدرس، سكرتير ثالث، بل وحتى وزير.
لا أظن دوركم يقتصر فقط على نشر الاحصائيات الاستعراضية، بعثنا هذه الكمية وتخرّجت هذه الكمية، وعادلنا هذا الكم من الشهادات، أين الكيف؟
هل لديكم آلية لمتابعة الطالب في مقر البعثة، ماذا يفعل، هل يتعلم حقا، هل سيعود لنا بالفائدة أم سيكون عالة على الوطن؟
هل لديكم طريقة لمحاربة ظاهرة الغش بين الطلاب المبتعثين؟ مثل أن تشكلوا لجنة جادة تقيس مصداقية دراسة الطالب للمادة؟ وليكن اختبارا درجة النجاح فيه 50% مثلا، المهم أن لا يكون أقل من ذلك.
المحزن جدا على الأقل بالنسبة لي أني حين لم أستطع الصبر والتمثيل قلت للطالب أعلاه: هذا خطأ، الطلاب سيعودون غدا للوطن كما ذهبوا، اللهم بشهادة مزيفة، قال لي بكل ثقة وقناعة: “يارجال” الوضع كذا والأمور ماشية ولن نحتاج هذه المعلومات التي درسناها، أنا في العمل مسؤول عن الكمبيوتر وأنا لا أفقه شيئا عن الكمبيوتر أصلا، لكن عندي موظف أجنبي يقوم بكل شيء وأعطيه نصيبه المقسوم ، وأتمنى أن يتقبلها الله صدقة خالصة لوجهه!
أي فهم مقلوب يبعث على الحزن مثل هذا؟
قلت في سري : اذهب إلى الجحيم أيها المزيف ، أنت ومن يسكت عنك وعن ظاهرة الغش بين الطلاب المبتعثين .
وما ذنبي أنا الطالب المتغرب الذي أتعب وأبحث وأقرأ وأنافس على الفرص ثم يأتي آخر يحمل نفس شهادتي ولكن بالرشوة وأنا أخذتها بتعبي وعرق جبيني، ثم نتنافس على المنصب ربما أفوز وربما يفوز هو؟ وقد يفوز هو لأنه سلك الطريق الأسهل للفوز في كل حياته.
وما ذنب الوطن في دمج هؤلاء المزورين وبصمت في قطاعات الدولة ومؤسسات المجتمع؟
وزارة التربية والتعليم: أرجو أن لا يكلمني أحدكم غدا يسألني عن الطالب والجامعة ، لست واشٍ وليس هذا دوري، اصلحوا أنظمتكم التعليمية وقبلها نواياكم الجادة وستجدون الخلل.
إن قطر تستحق الأفضل.
2 تعليقات
موجع حتى الموت ما قرأت
لأي مستوى انحدرنا
اتمنى ان تلتفت وزارة التربية والتعليم
لما ذكرت.. فبامثال هؤلاء
تهدم الاوطان ولا تبنى
الله المستعان
وهذا لايقتصر على البلدان العربيه حتى الغربيه منها لم تسلم كنا نتغنى بالرقي والنضام والإخلاص في العمل في البلدان الغربيه حتى غشاها الفساد والعدوه من العرب