هاضني ورع..
قبل البدء في الحديث عن “طرق” وبحر هذه الجرة، أود أن أهتم قليلًا بكلمة ترد كثيرًا في الشعر النبطي، وهي كلمة “هاضني” وهيضني، ومتهيض، وتهيضت، وبقية اشتقاقاتها.
والحقيقة أن أكثر القراء من غير ذوي اللهجة الشعبية البدوية، لن يعرف هذا المعنى دون البحث والتقصي.
والكلمة فصيحة ضاربة في الفصاحة، فمعنى هاضني وهيضني أي: تسبب لي بالهم والحزن، وقد قال صاحب القاموس المحيط: والهَيْضةُ: مُعاوَدَةُ الهَمِّ والحُزْنِ، والمَرْضةُ بعدَ المَرْضةِ. وانْهاضَ وتَهَيَّضَ: انْكَسَر، وهنا يأتي بمعنى الانكسار النفسي المجازي.
وقال في لسان العرب: وكلُّ وجَع على وجع، فهو هَيْضٌ. يقال: هاضَني الشيءُ إِذا رَدَّك في مرَضِك.
هذا فيما يخص الكلمة المتكررة على ألسنة الشعراء الشعبيين، أما طرقها فهو المنكوس، والمنكوس يشهد هذه الأيام ابتكارات وإضافات وألوان جديدة جميلة، إلا أنها لا تخرجه من طرق المنكوس.
وألاحظ كثرة من يسميه في الإنترنت بالمسحوب، وخصوصًا أهل الجنوب، ولا أدري هل هم فعلًا يسمونه كذلك، أم أن هذا خطأ من الشباب وهم الذين يجتهدون في التسمية في الإنترنت.
وطرق المنكوس يتواءم دائمًا مع كل قصيدة على بحر: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن.
أنا مبطي من جرة الصوت بالمنكوس..
مراهيش نوك ما تبل الورق يا هن..
ألا يا المحبة وين طلابتش خلوش..
هاضني ورع سرى الليل كله ما رقد.. إلخ.
أما المسحوب فهو طرق آخر على بحور أخرى، وقد أتحدث عنه في تدوينات قادمة.
والآن إلى أبيات القصيدة:
هاضني ورع سرى الليل يبكي ما رقد ** شايفٍ امه يهال الثرى من فوقها
يبكي امه داري انها تحت غدر اللحد ** عزتي للورع كبده قِطع معلوقها
ياهله روفوا بحاله ترى الفرقى نكد ** يجهل الفرقا حدٍ ما تطعم ذوقها
والقصيدة أطول من ذلك.
الشاعر: حمد بن بجاش آل مرسان الهاجري
صوت: النايف
12 تعليقات
القصيدة لـ حمد بن سعيد ال مغيثه
اجمل الصوت النايف المري ونعم
تدوينة ممتازة و محتوى مؤثر
جزاك الله عنها خيرا
هذي فعلا مفاجأة يا عبدالله ، حتى الفرنسيين سمعتهم المنكوس مافيك حيله :)
تحياتي
أسير :
أنا مثلك إلى هذه اللحظة كلما أفتح هذه التدوينة أتألم وأستشعر ألم اليتامى وكل من فقدوا أعزاءهم ، ثم جاء هذا الصوت الموغل في الشجن ، على الأقل بالنسبة لي ولكل أبناء ثقافتي السماعية التي تطرب لهذا النوع من الفن .
وكان هادي ذكر الله هادي بالخير يلمز ويهمز في جدوى اهتمامي بهذا النوع من الفن ، ويتهمني تلميحاً أنني كلما أكبر وأزداد وعيا وقراءة ازداد رجوعا إلى الصحراء وأصوات الرعاة وثقافة تلك الأماكن ، حتى أنه يعيب علي عودتي الحميمة في ليالي الشدو إلى فن يماني غريب بصوت فيصل علوي ، وكأنه يريد أن يقول أنه ينبغي لك أن تنتمي للموسيقى والفنون الحديثة التي تتجه غرباً أو قل : أكثر مدنية .
ما علينا ..
وسأفاجئك يا أسير ، قبل قليل كان لدي ندوة شعرية هنا في جزيرة سيت الفرنسية أثناء المهرجان الشعري السنوي ، وكان الشعراء بجانبي رجلين كبيرين أحدهما من فرنسا والآخر من الجبل الأسود ، وبالطبع كل نصوصنا تقرأ بعدنا من قبل ” كوميديان ” متمرس يعيد صياغتها بالفرنسية بصحبة العزف من آلة وترية .
لاحظت في قراءة الرجلين الثبات الصوتي على طبقة ونبرة واحدة مما يولد الملل .
وأنا بطبعي كنت أرتفع وأهبط وأمد تارة وأخب تارة بالنبرات ، كنت أفعل هذا متماهيا مع نصوصي التي أقرؤها .
قالت لي مشرفة الندوة : الجمهور يتفاعل كثيرا مع قراءتك بلغتك ، لذا في النهاية نود لو تقرأ لنا أطول نص لديك بدون ترجمة ، فقط نريد الموسيقى ، ولم أدرِ ما الموسيقى التي يريدون . وفهمت أخيرا أنهم يقصدون الموسيقى الداخلية في اللغة العربية أو في طريقتي في القراءة . قلت لها : وبس؟؟ ما طلبتي شيء .. سأغني لكم أغنية من موروثي الشعبي . ولشدة فرحها التقطت المايكرفون مني التقاطا وصاحت في الحضور كلاما حماسيا فهمت منه استعدوا سيغني لنا .
آه ليت هادي بجانبي كنت سأصعقه ، تركت كل الفن الحديث ولأننا في وقت ” العصيْر ” رفعت صوتي بالدندان : يالله طلبناك ياللي ما طلبنا بخيل .. عند الله أرزاق لا تكمل ولا بالقليل . وحين أنهيت الجرة بكلمة : ميغسي ، إشعارا مني أني انتهيت انهالت علي الأصوات والتصفيق والتصفير والضجيج وقاموا من شباك الاسترخاء ، على فكرة الشعر هنا شيء يشبه السحر والحشيش والسكر والعالم الغيبي ، لذا يهيئون له وسائل الاسترخاء والتجلي ، فيجلسون أمامك مسترخين على كراسي تشبه تلك التي توضع على الشواطئ وبرك السباحة ، أو مسترخين على الشبكات المعلقة بين الأشجار .
أعود للقصة ، استوضحت المترجمة فقالت أنهم يطالبون بالمزيد من هذا الفن ! ربما لأن الدندان في آخره يشبه فن الأوبرا الأوروبي ، أو ربما أني كنت أشعر بإلحاح المكان فقمت أهزع صوتي في آخر الأبيات بطريقة تشبه الأوبرا ، وظن الفرنسيون أن هذا فن أوبرا قديم لم يكتشفوه بعد : ) .
وبعد ذلك رفعت لهم عقيرتي بجرة خالد المري ” العذب ” التي أبدع فيها كثيرا ، سقى الله ضحى ذا اليوم ، للشاعر عامر بن نوطان رحمه الله .
الأكيد أني استمتعت ، وأمتعت ، ولم أذهب بعيدا عن الفن الذي يمتعني ، الصوت البدوي من منكوس ودندان وشيلات .
عبدالله
كل ما ارى صورة هذا الطفل او بالاحرى طفلة التي تبكي فوق قبر امها وشنطة كتبها المدرسية مازالت على ظهرها كلما اشاهدها ابكي لانها معبرة وانا الان كبرت وتجاوزت الثلاثين ، ولكن لم اتخيل لحظة فراق امي ان كان لي عمر لم اتخيلها ولن استطيع التفكير فيها. وما زاد على هذا المنظر المحزن جدا الا هذة الجرة او المنكوس المحزن والمعبر.
اشكرك عبدالله واشال الله ان يلطف بحالنا جميعا وان يلطف بحال كل طفل فقد امه او اباه وان يرزقة من يجبر كسره
آمين
تحياتي
مشاعل :
قرأت المكتوب هنا فقط ، لأني لم أتمكن من فتح الرابط الذي أرسلتيه في صفحة العنوان .
بصراحة لا أملك أي رأي شخص في المكتوب أعلاه ، فمن الواضح أنه يخصك ولديه معلومات عنك كموقعك وتاريخ ميلادك ، بالمناسبة غرت منه لأنه يهنئك بميلادك وأنا لا : ) .
تحياتي .
مشاعل انت بتكلمي مين ؟
لست أدري أ رجعت ِ إلى بلدك أم لا
لكني أجزم أن تلك الأرقام لا تخصك أيتها السائحة في بلاد الحرية
بالمناسبة : أحيي بلدك لـ سحبها سفيرها في دمشق .عقبال سفيرتهم في القارة الأوروبية
وقبل الزحمة : سنة حلوه يا كميل
وبعد الزحمة : سأنتظر قائمة بأسماء مهنئيك و بالترتيب الزمني ككل عام
أطلب منك ذلك وأنا أعرف لؤمك
وأعرف أنك قد تعدين فعلا قائمة تستثنينني منها
لتشجيعي على الغياب أوالسكوت والنسيان
ولا أخفيك حاولت ومازلت أحاول
وحياتك
سلام هي حتى مطلع العام
على الأقل
حتى و إن ما سكت
هذا مڪٺـۆب ڸے يا عبدالله مارايڪ الشخصي بهڪذا مدونات
لبيه
منوش
:(