الثالثة صباحاً ثم توقفت عقارب الساعة، ساعة يدي وساعة الحائط وكل ساعة كانت تنبض بالحياة في المنزل، هكذا شعرت لوهلة.
والأرق يتنامى في أجفاني، أحسست برغبة في الغثيان لكني لم آكل شيئا منذ ظهر اليوم ، انغلاق تام وضيق يعصرني، ماذا أفعل يا الله؟ ليتني أستطيع أن أقوم وأتوضأ وأصلي ركعتين أغسل بهما روحي المثقلة بالرماد.
سحبت أقدامي للخارج، فاجأني رذاذ المطر يهبط ببطء على شجيرات الحديقة، مطر صامت وحزين كأنه يريد أن يغمسني أكثر في حالتي.
حتى المطر يا هند ماعاد له ذوق ….. طعمه تغير مدري شلون صاير !!
مابينه وبين أتعس أحوالي فروق …… طعمه مثل طعم السهر والسجاير
كأن الشوارع تبكي بصمت والمصابيح تصلي، وحديقة المنزل مدافن، فقط المطر من يتنفس.
وقفت هناك وبت أدندن بلحن قديم:
صوت السهارى يوم مروا عليّه، عشية العيد، قاتله الله ذاك الدوخي ما أشجى صوته..
لم يقطعني إلا صوت نافذة الجيران تفتح بهدوء، أعرف مسبقا من سيكون..
جارتنا اللعينة إياها، فتاة في أواخر العشرينيات تقتلني عن بعد وهي تعلم.
أيتها الفاجرة ، قلتها في سري.
أشعلتْ النور وحملت طفلها الرضيع ووقفت قبالة النافذة، أخرجت ثديها بلطف وأخذت ترضع الطفل!
أبيض مكتنز ودائري يتقاطر شهوة، بدا لي كأنه مهر جامح فر من مروضه، كان يلتمع في سواد فستانها المنزلي الفضفاض.
أيتها الفاجرة، همهمت بها هذه المرة.
رجعت داخل المنزل مسرعا وفتحت الثلاجة ثم عدت لمكاني الأول على عتبة الباب الخارجي، ورفعت قنينة الحليب الطازج ذات اللترين والتقمتها:
حتى أنا عندي حليب أيتها الفاجرة.
القصة المرتبطة: جارتنا الفاضلة.