رسائل عفوية لن تصل، لون من الكتابة الإبداعية يسمى فن الرسائل الأدبية

رسائل عفوية

رسائل عفوية

رسائل عفوية , صباح , رسائل

4 /12 /2003
الخميس 02:25 صباحا
طبربور

الموضوع: رسائل عفوية

_________

تحية طيبة وبعد :

(1)
تحاصرني بقاياك في الأمكنة والخلوات والحزن وحتى في لعب أطفالي
البارحة استيقظت من نومي وأنا أبكي
لم أفعل ذلك من قبل
ونحن بخير ..

(2)
لازمتني عادة تثير ريبة النادل :
أنتبذ الزاوية القصية إياها التي جمعتنا ذاك المساء البعيد
أطلب :
وجبة لا طعم لها
وأن يدير أغنية ( في يوم وليلا )
وعلبتي سفن أب، لي ولك
ثم أنسحق تماما
أفتقدك ..

(3)
الطقس عندنا غائم طوال النهار، وممطر أحيانا، مما خلق لدينا حالة من التلبد النفسي والشعور بالاختناق
وأنا كل مساء أجلس بجوار النافذة وأرقب المطر بمزاج جاف، وكل مساء أدعوك لجانبي
وكل مساء تعتذرين، لا ليس كل مساء، مرتين أو ثلاث كنت معي بكامل زينتك وكنت تبتسمين طويلا.
أحبك ..

(4)
صباح اليوم كنت أفتش عنك بفزع
أفتقدتك بشكل مريع
عندها ركضت للمقبرة، فتحت بعشوائية صندوق الرسائل وقرأتك للمرة السبعين :

صباحك سكر
صباحك سكر وورد معطر صباح السعد والورد
هلا بالزمرانين من غير سبب : (
حبيت اصبح عليك… واتمنى لك يكون يومك كله سعادة وسكر زيادة
إلى آخر الرسالة ..

كنت أتأمل في كل حرف في الرسالة وأتخيل ما قبيل كتابته حين لم يكن شيئا ثم تقومين بوضع يدك على لوح المفاتيح
وتكتبينه ثم الذي يليه ثم الذي يليه حتى تكتمل كلمة وأخرى وأخرى، أستطيع تصور كتابتك لي وأتلمس الأحرف بحزن بليد
أتتبع مواطن أصابعك، وأتمعن فيها طويلا كأنني سأجدك خلفها أو ربما أجد بقايا رائحتك
كنت فقط أمارس تألمي العفوي
ونحن بخير ..

(5)
أبشرك : عصفورتي حفظت سورة المسد
وهي تسلم عليك ..

(6)
موقن حد الهزيمة أنها لن تصل
سأعود بتغافل وأقرؤها عنك وأستبشر بها أيضا
فثمّ صنو لك في داخلي يتواطأ معي
سأرسله غدا يتحرى رسائل عني
وحين تفترسه الخيبة في عراء العدم
سيرطب جراحاته لوحده
ويغتسل بالأماني من جديد
ويعود إلي يخبرني أنها وصلت .


28/2/2004
السبت 06:12 صباحا
طبربور

الموضوع: رسائل عفوية
_________

(7)
أستحضرك حتى في الأوقات التي لا طعم لها
حين أشاهد برنامجا غبيا في التلفاز
حين أستمع لمشاكاة الأطفال
حين أطيل القراءة في كتاب وأبلغ تلك المرحلة التي أقفز فيها فوق الأسطر بلا وعي
حين أتردد في سكب فنجاني الخامس
حين أسرح في اللاشيء
وأجدك في القصص وفي الجرائد وفي بكاء طفل وفي المطر وفي الشارع وفي الصلاة .

(8)
كما اصطحبتك معي لغابة وايناد وجربنا لذة الخوف معا وتصدقنا على الفقراء معا وانسللنا في الأحياء الفقيرة معا واستمتعنا برؤية ترويض الفيلة معا، اصطحبتك معي أيضا في أسبوع الثلج هنا، كم أحب قضاء الأوقات الممتعة بصحبتك.

(9)
كلما قرأت شيئا جميلا، أو باغتتني نسمة أخاذة ، أو علا صوت وردة ” في يوم وليلا ” ، أو قلبت مواجع البريد
أو توغلت في شوارع الريان العتيقة، أو نبشت شما : ألعنك في سري بحرقة هكذا:
كم أحبك!
وأحتاجك!

(10)
حبلت لك ذات مساء مكيدة، دفنت نفسي في السرير باكرا ونمت أستحضرك، بعدها غافلتك للمجيء في حلم طويل
كنتِ كما أنتِ شهية وبريئة معا، وكانت شفتاك لا تبارحني، آمنت حينها أني لا أريد سواك
كان الحلم طويلا وحميما
أستيقظت مذعورا لا أريد انطفائك المفاجيء بلا وداعات لائقة
كنت أحلم، انتبهت لهذا
لكني حين مررت يدي على فمي كان رطبا وملطخا بأحمر شفاة!

(11)
(….) لم أتنازل عنها لأحد بعدك
وذا أنا أخلع معطف الكبرياء وأبحث عنك في العراء حين فقدت آخر حماماتك.


6/4/2004
الجمعة 04:48 صباحا
طبربور

الموضوع: رسائل عفوية

__________________

(12)
في صباح لم يعد يسرب للذاكرة إلا مزق الأيام الهاربة بعيدا بكيت لأني لا أستطيع استدعائك
كل يوم تذبل ورقة، تسقط، تنفيها أرصفة الغياب
وداعا حتى خريف آخر..

(13)
كنت أحارب الموت الذي يداهمنا في ساحات الحوار
كنت أبحث لنا عن حياة
عن أي مهرب آخر
لكن ليس هذا الانتحار
ارقدي بخير..

(14)
أي عذر سيسعك حين تعودين؟
قولي أن الأرض انشقت وابتلعتك كل هذه المدة
قولي أنك كنتِ رهينة الجن
قولي أنه عرج بك إلى السماء
قولي أنك كنت ميتة ثم حييتِ
لن أقبل بأقل من ذلك
لن أسامحك أبدا ..

(15)
عودي أرجوك
حتى لو لم تقدمي أي عذر
أحتاجك ..

12/1/2005
الأربعاء 03:04 صباحا
طبربور

الموضوع : رسائل عفوية

_____________________

(16)

والبرد مؤلم هنا أكثر مما تتصورين، إنه يوجعنا جدا – خصوصا نحن الخليجيين – أتذكرين عندما قلت لك سأعود إليك يوما بالشهادة و ” شوية ” علب برد، نفتحها في منتصف أغسطس نكاية بصيفنا المفتري؟

… لم يبق إلا أطراف حديثك ورائحة الغياب

ما عدت أجدك !

نعم ، ونحن بخير على ما اظن

(17)

هل صحيح أنك ذهبتِ للملائكة مع القطا؟
ذات مساء ضاق بي بما رحب، أخبرتني إحداهن أنك ذهبتِ في نزهة للملائكة
وما زلت أنتظرك !
أنتظرك وأسلسل هذا الفقد الأعمى على شكل رسائل عفوية وأتمنى أن تتوقف بأعجوبة
كم أخبرتك أيتها اللعينة أني أفتقدك؟
هل يجب أن ألحق بك إلى الملائكة وأخبرك؟
صدقا أفتقدك
وأخجل من ربي أن أقول : ارجعي

(18)

أأخبرك شيئا ؟
لم أصدق حتى
لم أصدق أنك ذاهبة إلى الملائكة، أقنع نفسي جيدا أنك ذهبتِ إلى ” جدة ” هناك أطباء مذكورون
ربما أطلت الغياب هناك
نعم أعترف أنك اطلت الغياب
لكني أعرف أساليبك الطفولية، تذهبين وتختبئين في إحدى زوايا القدَر لكي أقلق
وعندما أفقد روح الدعابة وأقلق وأذهب أبحث عنك وأنا أبكي تطلين عليّ وفي فمك ضحكة تشفي وتقولين لي: غلبتك
بعدها أعنفك قليلا زهاء ما أروي ظمأي من عينيك ثم أسامحك
أعرف أنك ستعودين
تبا لها تلك الـ إحداهن، لا أصدقها أصلا أنك ذاهبة للملائكة
أنت هنا هنا هنا.

(19)

مكتوب على كل شيء يتعلق بك أنه لا حقيقة له
لم يكن غيابك إلا شكلا من أشكال حضورك، حتى في أقرب حالاتك / حين كنت أشعر بأنفاسك تلملم أجزائي المغيبة في الطرقات والمنافي والأوهام كنت أصارع إشكالية فقدك / توهمك / أنك شعور اعتباري لا غير ..
صدقا هذا المساء المسهب في الضياع والبرد والتوحد يسألني عنك.

(20)

لا حلم جنح بي للخيالات والمجون والعبادة والصدق والعمل واحترام الغير مثل حقيقتك
ولا حقيقة خذلتني مثل حلمك
كنت أحبك
وأنا الآن لا أدري ماذا أفعل بك
وشما لا تريد ان تحتضنني بحنو مثل صبي فقد أمه للتو
إنها – سامح الله شما – لا تأخذ منك إلا الشعور بالغيرة والعداء وإيلامي
وأرجو ان قرأتني ألا تناقشني لاحقا عن هذا
أحبك لأنك زهدتِ فينا جميعا ، أكاذيبنا وتلوننا وأنانيتنا وكلامنا المكرر وأسمال عواطفنا ودنيانا الضيقة
وذهبت هناك ، حيث السعة والحرية وجيرة الملائكة

حيث الفراق السرمدي

يرحمك الله  …………………………………

……………………………………………..

……………………………………………..

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

اترك لي أثرك