زوائد الشعر نقائص ونواقص، الناقد القطري عبدالله السالم - مدونة وسوم

زوائد الشعر نقائص

زوائد الشعر

توطئة قبل زوائد الشعر :

الشعر بناء لغوي حساس وشأنه شأن بقية الأجناس الأدبية التي تتحرر بعد مرحلة ما في فن كتابتها من كل القوانين والمعادلات العلمية الموضوعية.

فإذا تجاوز الشاعر الحد الأساسي من صلاحية النص باتجاه الإبداع فإنه يدخل في تلك المنطقة الحرة التي لا تلتزم بأي نظام متبع بل يعود الأمر إلى قدرة الشاعر الذاتية على الانفراد والتميز.

وكذا في نقد ذلك العمل الأدبي، فإنه عند هذه المرحلة لا يخضع لأي من القوانين العلمية بل يعود الأمر إلى قدرة الناقد الذاتية وقناعته الشخصية في التشريح والتعليل والاعتراض أحيانا.

إذن لا أحد يملك حق النقد المطلق لإسقاط عمل أدبي ما وبشكل مطلق، ما دام أن هذا العمل قد تجاوز الحد الأساسي لصلاحيته، كالوزن والقافية في القصيدة العمودية والشخصية والأحداث وبقية المشكلاّت السردية في القص والسلم الموسيقي والزمن في العزف وكذا لا يملك أحد حق المنع.

إنما يظل الأمر محض تذوق، فللقاريء هذا أن يعجب بهذا النص ويعرض عن ذاك ولذاك القاريء أن يعاكسه تماما كل بحسب ذائقته المستندة على البيئة والظروف والحالة النفسية والتوجه الثقافي وإلخ.

إلا أنه حتى لدى هذه الأعمال التي تجاوزت الاختبار الأساسي فإننا نلاحظ أن ثمة شروط ضمنية، خفية وليست متسقة في منظومة علمية واضحة وكأنها الاستحسان الشرعي الذي عبر عنه بعض علماء الحنفية كالتالي: هو دليل لا يستطيع الفقيه التعبير عنه.

فهذه الشروط لا يمكن للناقد أو فلتسمه القاريء المحترف التعبير عنها بوضوح علمي مطرد، لكنه يصطحبها عند القراءة ويتأثر بها في حكمه.

وأقل خفاءا من هذه الشروط المختبئة في أعماق الذائقة القرائية شروط أخرى تشكل مثل سابقتها عناصر إبداعية لمزيد من التفوق والوجاهة الأدبية.

هذه العناصر ليست نتائج مقدمات منطقية ولا عمليات حسابية كما سبق إنما هي نوع من العرف الأدبي الذي يصطلح عليه أكثرية القراء المحترفين والمشهود لهم بالوعي القرائي والحيادية، كما يتفق عليه النخبة من الكتاب لا بشكل صريح تقريري وإنما بما يقدمونه من أعمال إبداعية.
ولنقصر الحديث عند التمثيل على الشعر النبطي بشكل خاص .

موضوع زوائد الشعر :

كي يصبح النص متفوقا يجب أن يشذب من أي زوائد ونتوءات في اللغة أو في الوزن أو في الأسلوب، هذه الزوائد حشو.

يجب أن يهتم الشاعر في ذلك كما يهتم رئيس الطهاة الفرنسي في قصر الملك أن تكون الموائد معدة بطريقة صحيحة، والملاعق متساوية العدد والتشكيل الهندسي على كل طاولة، والكؤوس في جهة محددة وبطريقة هندسية متسقة، ثم هو فوق ذلك لا يقبل أن يترك شعرة صغيرة لتفسد الهيئة العامة للموائد كما يظن.

كذا النص، يجب ألا يتساهل الشاعر في استخدام حرفا أو كلمة زائدة لن تقتل النص بلا شك لكنها ستحد من تفوقه، ومعيار الزيادة هنا صحة الاستغناء عنها.

أمثلة زوائد الشعر :

زوائد حرفية:
وهي الحروف الزائدة أما على الحد اللغوي أو على الحد العروضي

الزوائد على الحد اللغوي:
يقول الشاعر:
يا الطلح قل لي عل مابه خلافي

فالياء الملحقة بالكلمة “خلاف” زيادة على الأصل اللغوي إنما دعت ضرورة التزام القافية لذلك.

الزوائد على الحد العروضي:
يقول الشاعر :
يطرب الناس شعره وهو جروحه تصيح

الواو في “وهو” خلقت انزلاقا عروضيا في البيت والدليل أن الصحيح الاستغناء من أحد الحروف الساكنة في ذاك المفصل مثل: يطرب الناس شعر وهو جروحه تصيح

أو :
يطرب الناس شعره هو جروحه تصيح
ولسنا الآن في صدد تصليح البيت بعد ما أحدثناه من تغيير للتوضيح.

زوائد جملية:

وهذه الزوائد التي قد تكون جملة ناقصة أو تامة وقد تكون أبيات كاملة من القصيدة

وبصيغة أخرى، فإنها قد تكون كلمات مكررة في اللفظ بلا مسوغ وذلك لملء الفراغ العروضي في البيت، كما في قول الشاعر:
أنتي مائي لا عطشتك صرتي أنتي أنتي مائي
انتي الثانية والثالثة تكرار في اللفظ لا يأتي بجديد

وكما في قوله :
كل هذا اللي تشوفه كان هو ظل لشعرها
فـ هو ضمير مذكور فيما يغني عنه الضمير المستتر المقدر هو في محل اسم كان، وهي زيادة لفظية لا داعي لها.

وقد تكون كلمات مكررة في المعنى كاستخدام المرادفات والاشتقاقات اللغوية
كما في قوله :
وانت النهايات واخر ساحل ومينا
فـ مينا كلمة لا تختلف في المعنى كثيرا عن ساحل التي سبقتها فلم تضف شيئا جديدا.

وقد تكون بيت أو عدة أبيات زائدة على موضوع القصيدة أو تكرارا له وهذا ما يسمو بالحشو.

وفي النهاية من الضروري التنبيه أنه ما دام أن الشعر جهد بشري فإنه من المستحيل أن يبلغ الكمال المطلق وسيظل هناك من يجد فيه نواقص وملاحظات، لكن تبقى هناك نصوص أقرب للكمال مما سواها.

وهذه النواقص أو النقائص التي ذكرتها قلما يسلم منها نص على تفاوت في ذلك ولا يعني وجودها في نص ما الحكم عليه بالفشل فالأمر في هذا نسبي.

للاستزادة من موضوع زوائد الشعر والحشو الاطلاع على كتاب عيوب الشعر.

 

6/3/2004
طبربور

 

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

اترك لي أثرك