كفاية: منيرة سبت
كفاية زعلنا طوّل حبيبي حنّ لي شوي
تراني من بعد زعلك أنا دنياي ما بيها
تراها دنيتي ظلمة بدونك لا سنا لا ضي
بدونك منهو يا عمري حياتي منهو يضويها
حبيبي كل ما تطري أحس قلبي يصيبه شي
وأشوف طيوفك بعيني تجيني قبل ما اطريها
حياتي كلها لجلك وحبك يا الغلا لي في
وروحي بالرضا جاتك لأنك أنت غاليها
كفاية يا هنا عمري كواني هالمفارق كي
جروحي زادت بقلبي وقربك بس يشفيها
كأني روضةٍ عطشى وحبك نبعها والري
زهرها جفت أوراقه متى ترجع وترويها
تعال نعيد ذكرانا ونطوي هالمفارق طي
تعال نجدد الذكرى بإسم الحب نحييها
كفاية يا بعد عمري طلبتك حنّ ليّ شوي
تراني عفت هالدنيا لأنك أنت مو فيها
مسحة جذعية
عدد الأبيات: 8 (قليلة)
القافية الأخيرة: ـيها (مستهلكة)
القسم: غزل
النوع: شعر غنائي
العيوب الخلقية: الحشو
العلامات الفارقة: لا يوجد
تخدير موضوعي
القصيدة تسير في موجة كلاسيكية هادئة، وإن كان هناك مثال على القصيدة الغنائية المعاصرة فهذه القصيدة خير مثال.
والهدوء في القصيدة ليس بدليل عافية، حيث ينتظر من القصيدة أن تثور وتمور وتعصف بالمتلقي، فتمرر إليه قناعات جديدة، وتشغله ولو قليلا بجدلية القبول والرفض، هذا الصراع الذي تخلقه القصيدة لدى المتلقى هو دليل نجاحها وقوتها.
هذا وصف عام للقصيدة التي بين أيدينا.
كما أن هذه القصيدة تشكو من كثرة الحشو، هذا المرض المستشري في أكثر القصائد المطروحة في الساحة الشعبية.
والحشو له أكثر من شكل، فقد يلبس ثوب النداء مثل:
يا حبيبي، يا عمري، حياتي، يا جماعة، يا الربع، يا هيه.. إلخ.
أو ثوب الضمائر المنفصلة: أنت، أنا، هو، اللي.. إلخ.
وقد يلبس ثوب التكرار اللفظي مثل: أنا أنا، أو يا سلامي يا سلامي.
أو التكرار المعنوي مثل \: لا سنا لا ضي \، المطر والغيث، البكا والدمع.. إلخ.
وقد يكون الحشو بإدراج بيت بطوله فأكثر، لكنه لا يفيد القصيدة شيئا، كأن يذكر الشاعر في بيت أنه غاضب من حبيبه لأنه هجره، ثم يأتي ببيت آخر يذكر فيه أن من يهجره حبيبه يغضب، ما الجديد؟
فحين نسقط هذه النظرية على القصيدة التي بين أيدينا سنجد أن بعض الأبيات ما هي إلا تكرار لأبيات سابقة مع تغييرات بسيطة.
والآن إلى جسد القصيدة.
المشرحة ( التشريح النقدي )
تراني من بعد زعلك أنا دنياي ما بيها
زعْلك: كي يستقيم الوزن تماما يجب قراءة الكلمة بهذا الضبط، أي: تسكين العين في زعلك، وهو تحوير للطريقة الصحيحة لنطق الكلمة في اللهجة الشعبية، حيث تنطق هذه الكلمة بإحدى طريقتين في اللهجة الخليجية، أما بتسكين الزاي وفتح العين وكسر اللام هكذا : زْعَلِك (إزعلك)، وأما بفتح الزاي والعين وتسكين اللام هكذا : زَعَلْك، أما الطريقة التي أحدثتها الشاعرة فهو مجرد تحريف غير مبرر للتماشي مع الوزن.
أنا: هنا زائدة عن المعنى الشعري، وقد أدرجت بناء على ما يتطلبه الوزن الشعري للشطر، فقط لهذا السبب، والدليل أن المعنى يستقيم بدون هذه الأنا الطفيلية، لذا بإمكاننا أن نقول: تراني من بعد زعلك دنياي مابيها.
تراها دنيتي ظلمة بدونك لا سنا لا ضي
لا سنا لا ضي: ما المعنى الجديد التي أضافته إحدى هاتين المفردتين ولم تفده المفردة الأخرى؟ لا شيء، خصوصاً حين توضع مقابل مفردة واحدة (ظلمة)، وهذا مما يوقع الأسلوب في فخ التكرار السلبي.
بدونك منهو يا عمري حياتي منهو يضويها
بهذه الطريقة كثفت الشاعرة أدوات التكرار والحشو اللفظي، حيث ملأت المساحة العروضية للشطر الشعري بمفردات زائدة على المعنى أو مكررة في اللفظ، فالمعنى الخام لهذا الشطر هو: بدونك حياتي من يضويها إلا أن الشاعرة صفت العديد من الكلمات كي تدفع بالبحر العروضي إلى شاطيء السلامة على حساب المعنى والقوة الشعرية.
حبيبي كل ما تطري أحسْ قلبي يصيبه شي
أحس هذه أصلها أحسّ بتشديد السين، إلا أن الشاعرة تخففت من هذا التشديد لسببين:
الأول وهو الأهم: لأن التشديد سيخلق ثقلاً في الوزن.
الثاني: قد يكون ذلك تبعاً لطريقة الشاعرة في نطق هذه الكلمة تبعا للهجتها المحلية الحضرية، وهي طريقة تخالف الطريقة الأصل في الشعر النبطي.
وأشوف طيوفك بعيني تجيني قبل ما اطريها
وأشوف طيوفك بعيني: هذه تقريرية، والشعر لا يقبل التقريرية، ومفاد ذلك أن الشوف (الرؤية) تكون عن طريق العين حقيقة، وهو المتبادر للذهن ابتداء، فلماذا تؤكد الشاعرة هذا المعنى المتبادر للذهن بذكره صراحة؟
بينما يمكن قبول مثل هذا التصريح لغايات أخرى، مثل لو أراد الشاعر تأكيد أمراً للمبالغة والتهويل، كمن يقول : شفت الموت بعيني، وهكذا.
حياتي كلها لجلك وحبك يا الغلا لي فيها
وروحي بالرضا جاتك لأنك أنت غاليها
الصورة هنا مستعملة حد الموت، حياتي كلها لأجلك، حبك لي فيّ، وروحي جاتك، أنت غاليها
كأني روضةٍ عطشى وحبك نبعها والري
نبعها والري: مرة أخرى هذا التكرار لا يفيد شيئا، تماما كالسنا والضي.
تعال نعيد ذكرانا ونطوي هالمفارق طي
قبلها كان: كواني هالمفارق كي، وهذا التشابه في الصوت والصيغة أوقع في التكرار
تراني عفت هالدنيا لأنك أنت مو فيها
وقبلها كان : وروحي بالرضا جاتك لأنك أنت غاليها
وهذا تكرار يوقع النص في محدودية الصورة والكلمة، بالرغم من سعة المعجم الشعري لمثل هذه القافية.
النتائج المخبرية
القصيدة مغرقة في الكلاسيكية إلى حد الاستهلاك، ومثقلة بالحشو الزائد على مستوى الأحرف والكلمات والجمل، وقبل ذلك كتبت على قافية مستعملة كثيرا، ورغم هذا لم تتجاوز أبياتها الثمانية.
قصيدة لم ترضيني، الله يسامحك منيرة سبت .