مرشح ضابط , مرشح , ضابط , مبتعث ,مرشح ضابط مبتعث
مرشح ضابط كلمة لها رنين في أذن المجتمع القطري بعد أن باتت مؤخرا الجهات العسكرية عندنا في قطر تتلقى طلبات خريجي الثانوية لابتعاثهم خارج البلد (أمريكا، أوروبا، أستراليا، اليابان، الأردن.. إلخ ) في تخصصات عسكرية أو مدنية كالهندسة والقانون وغيرها لإكمال الدراسة الجامعية على حساب الجهة الباعثة تحت مسمى وظيفي: مرشح ضابط .
أي سيكون ضابطا بعد إنجاز الدراسة على حسب الاختيار والترشيح : ضابط عسكري أو مدني.
تتكفل الدولة ( الجهة العسكرية الباعثة ) بمصاريف الـ ( مرشح ضابط ) المبتعث بدءا من تذكرة السفر إلى رسوم الدراسة مع إيداع مبلغ 180 ألف ريالا قطريا (قرابة 50 ألف دولار) كحد أدنى دفعة واحدة لمدة 6 أشهر.
أي بواقع 30 ألف ريالا مرتبا شهريا، لا يدخل فيها رسوم الدراسة .
بعد مضي الأشهر الستة يصرف للطالب المبتعث راتباً شهرياً يتراوح بين الـ 14 ألف ريالا و 20 ألف .
تذكّر معي : نحن نتكلم عن شاب قطري عمره 18 أو 19 سنة ، في الغالب لم يسافر كثيرا خارج الوطن وإن سافر فمع أسرته التي تدفع عنه كل شيء وتتخذ عنه كل القرارات .
وتذكّر أيضاً : هذا الشاب للتو تخرج من المرحلة الثانوية ، أي : طالب مدرسة، تحت السن القانوني، أو قاصر أو طفل في الاصطلاح القانوني .
تذكرّ أيضاً : هذا الشاب المراهق المغترب في – ديار بعيدة – الذي يجد في حوزته فجأة مبلغ 180 ألف ريال يتصرف فيها كيفما يشاء كان لا يعرف منذ سنين إلا مصروف المدرسة اليومي 10 ريالات أو 20 أو 50، حسب الوضع المادي والاجتماعي للأسرة .
ضع في بالك أيضا : أن هذا الشاب من مواليد منتصف التسعينات مثله مثل بقية أبناء هذا الجيل (إلا ما ندر) لديه تخمة من اللامبالاة والاتكالية والشعور بعدم المسؤولية خصوصا فيما يخص الصرف والإنفاق والاقتصاد المنزلي وحساب العواقب .
بمعنى آخر هو أحد أبنائنا الذين نغضب منهم في المنزل ونوبخهم لأنهم يفتحون علبة الجبن ويتركونها بلا غطاء ، يفتحون علبة الحليب ويسكبون كأسا كبيرا يشربون ربعه فقط ويتركون العلبة مفتوحة ، يفتحون كيس الخبز ولا يغلقونه.
هم أنفسهم الذين يأتون من المدرسة ويرمون شنطهم وكتبهم المدرسية في الصالون وكذا ملابسهم وجراباتهم وأحذيتهم بشكل مبعثر يفتقر لأدنى معايير المسؤولية والاهتمام .
وهناك دوما خادمة تصلح كل هذه الأخطاء وراءهم .
فكرة الاستثمار في تعليم أولادنا من خلال ابتعاثهم لأجود جامعات العالم في مختلف التخصصات فكرة نبيلة.
فكرة صرف المبالغ الضخمة من ميزانية الدولة لتنمية المواطن الصغير في مجال التعليم فكرة نبيلة.
فكرة السخاء بحد ذاته في التعامل مع المواطن فكرة نبيلة.
لكن تعالوا لنرى هل هناك سلبيات لهذه الفكرة النبيلة ؟
زرت مرة أحد بيوت الشباب المبتعثين هنا فاستقبلوني في مجلس أفخم من مجلس أب كل واحد منهم في قطر ، وكان هناك عاملان من الهند بوظيفة ( مقهوي ) يصبون علينا أربعة أو خمسة أنواع من القهوة ( قهوة، شاي، كرك، حليب زنجبيل، زهورات ) وحين قلطونا على العشاء كان هناك خروفان على الصحن ونحن لا نتجاوز الخمسة عشر ، ونصفهم للتو أكل من ماكدونالز.
حسنا، قد يقول البعض : فيه العافية ، هذا كرم ومرجلة وعلوم غانمة ، ولا ندري على ماذا تعترض أيها البخيل عدو السلوم والعادات النبيلة!
هذا البذخ والكرم المفتعل يشوه المعايير الصحيحة لقيم الكرم والسخاء والاعتداد بالذات عند شبابنا، شباب صغار وجدوا فجأة أن محفظات نقودهم الممتلئة تتيح لهم أن يكونوا كرماء ففعلوا ذلك بكثير من الزهو واللا اكتراث بالحسبة.
كان النازحون السوريون وقتها على بعد أميال منا على حدود الأردن يعانون من ويلات الحرب والبرد والتشرد والجوع.
طبعاً أرى أن فعل شبابنا السابق في الظاهر فعل جيد ويرفع الرأس خصوصا أن غيرهم من الشباب العربي قد سقط في مزالق النساء والخمر والمخدرات والفشل .
لكني أجد أن الكثير من هذه المظاهر “المراجلية” ما هي إلا قشور لقناعات مزيفة أخذها الشاب بالتوارث وبالشيلات مؤخرا وبقدرته على صرف المال في إظهارها، وهذا شيء خطير.
بالمناسبة : وجدت في تلك الليلة في المجلس أربعة أجهزة بلاي ستيشن (سوني) بواقع جهاز خاص لكل ساكن في البيت .
والعديد من الأجهزة الأخرى التي لا أعرف بعضها، وساعات ونظارات وإكسسورات وأحذية وديناصورات ومركبات فضائية ! بعضها ندوسه في طريقنا للحمام.
هذا الامتلاء المادي لشبابنا يجعلهم على قمة جبل ليس بعده إلا السقوط .
والامتلاء يولد الملل، والملل يولد البحث عن الجديد، والجديد عادة تجربة سيئة في وضعهم.
لتفادي الأخطاء والأخطار التي قد تلحق بأبنائنا المبتعثين في بعثات الـ ” مرشح ضابط ” هناك بعض الاقتراحات التي تعتمد على إشراف الملحق العسكري في بلد المبتعث على آلية صرفه لمستحقاته المالية شهريا، مثل:
بهذا نحافظ على كل مرشح ضابط من شبابنا المبتعثين بخير وغير محتاج لأحد، وبشعور جيد بالاعتداد بالذات والوطن ولكن بتعقل وإشراف تربوي.