محاكمة نزار قباني واستسهال النقد الأدبي عند بعض الكتاب - مدونة وسوم

محاكمة نزار قباني

محاكمة نزار قباني

كثيرا ما أصادف مقالا أو رأيا ينتقد الشاعر نزار قباني ، لكن ما يثير حفيظتي هو كتابة وريقات سطحية باسم دراسة !
دراسة في عقيدة نزار قباني، أو محاكمة نزار قباني ، أو القول الفصل، أو التبيان، أو واحدة من هذه الكلمات العلمية الكبيرة.

وحين أتبع الكاتب أجدها هي هي، الطريقة الكسولة الجهولة في التعامل مع الشعر والشعراء، بل وحتى المخالفين عموما.

هذا أحدهم يقدم دراسة بعنوان : فضائح إمبراطور الشعر العربي ، ما منهجه العلمي؟

يكتب مثلا عنوان الفقرة في دراسته العلمية المرهقة في محاكمة نزار قباني :
* وصفه لعبودية الله بالمرأة العاقر !!
وتحت هذا العنوان الإقصائي ينسخ سطر نزار : ” إنَّ خوفي الحقيقي على الشعر هو الخوف من العبودية، فالعبودية امرأة عاقر”.

بالله ما دخل عبودية الله هنا؟ الرجل يتحدث عن الجمود والتقليد في الشعر.

حسنا حسنا ..

* قوله بأنَّ نهدي داعرته استكبرا على الله: قال : ( وشجَّعتُ نهديك فاستكبرا على الله حتى فلم يسجدا).
أليس هذا أولا إيحاء بإبليسية النهدين وإغوائهما وثانيا وصفهما بأنهما واقفان مشدودان؟ ما المشكلة الشرعية في رأسك إذن؟

ما علينا..

أنا معك، أنه في عصرنا كثر المتقافزون فوق المقدسات والممنوعات بشكل مقزز.

والكاتب الذي يحاول “تزريق” نجاحه وشهرته على حساب التجني على الممنوع، الممنوع القدسي بكل أشكاله، أعتبره أولا كاتبا عاجزا فاشلا، وأعتبره مخربا ثانيا.

لكن إن لم يكن هذا هو ديدن الكاتب فيجب النظر جيدا إذا تعثرت له بتجاوز لفظي هنا أو هناك.

فمثلا قول الناقد الفذ في الدراسة العلمية الجادة في محاكمة نزار قباني :

* قوله بأنَّ الله تعالى يُباع في جلسة جنس وطَرَب، ويكتب هذا بالأحمر ثم ينسخ سطر نزار بالأسود هكذا : (فأنا أعرف يا سيدتي أنَّ أحلامك أن تلتقطي بدوياً عاشقاً، يرهنُ التاريخ عند امرأة، ويبيعُ الله في جلسة جنس وطرب).

أنا أعتبر هذه سطحية وهزلية وكسل في الدراسة، أية دراسة، ولا تصلح من رجل يحترم نفسه ونتاجه الفكري، لأن ما يقوم به يستطيع القيام به أي صبي تجاوز الصف السادس ابتدائي ويستطيع الكتابة والقراءة جيدا.

ولدراسة مثل هذا السطر النزراي أعلاه يجب المرور بمراحل كما يلي:

أولا : مدى مشروعية المجاز في الشعر

ويدرس الباحث هذه النقطة جيدا ويستشهد بوقائع حدثت في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن ذلك قول النابغة الجعدي في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم:
بَلَغْنا السماءَ مجدَنا وجدودَنـا ……. وإنّا لَنرجو فوقَ ذلك مَظْهَرا،

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إلى أين يا أبا ليلى؟ فقال إلى الجنة، قال: إلى الجنة إن شاء الله، لا فض فوك، أو كما قال.

ثانيا : حدود المجاز في الشعر وأثر نية الشاعر.

هذا أيضا يجب أن يبحث، إلى أي حد يمكن للشاعر أن يأخذني معه في المجاز؟ لا شك أن هناك حدود فالمجاز لا يصل إلى الكفر اللفظي أو السب أو الفحش، ولكن أليس للنية والقصد وسبب طرح المسألة دور في توسيع الحدود مثلا؟ وإلا فلماذا لا يكفر ناقل الكفر لسبب معتبر؟

ثالثا : إسقاط تلك القوانين على ما بين يدينا من شعر في محاكمة نزار قباني .

ويحتاج في هذا إلى ذائقة أدبية لفهم الإيحاءات والإشارات الأدبية في النص، فأنا لم أجد في مقطع نزار قباني السابق عن البدوي الذي يبيع الله في جلسة جنس وطرب أي انتقاص لله تعالى أو إرادة انتقاص، بل السياق ينتقص البدوي، وهو الخليجي الذي وظفه نزار كثيرا في نصوصه باسم البدوي والبدو أو القادم من الصحراء وإلخ، والذي يتخلى عن كل شيء إذا سافر للغرب والتقى النساء هناك حتى أنه يبيع دينه لو اضطر، ولفظ الجلالة هنا الرمز الأعلى للدين.

والقرآن نفسه جاء بألفاظ مشابهة قال تعالى ” نسوا الله فنسيهم” التوبة : 67، ” نسوا الله فأنساهم أنفسهم” الحشر:19.
“يخادعون الله” البقرة: 9.

حسنا، أنا أجد تشبيهات وصور لنزار ومجازات أحيانا تثير تقززي لكن هذا لا يعني أن أفتش في أشعاره عن كل إشارة عن الله أو الدين وتوظيفها ظلما، والمشكلة أن كل هذا يكتب بشكل سطحي جدا .
قليلا من العدل فقط .

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

5 تعليقات

  1. يقول ملكة الاحساس:

    دخيل الله,,لهلأ بتدافعوا عنو , والله العظيم تقشعرت منو

  2. يقول سالم:

    اختلف معك استاذ عبدالله في قولك أنا أجد تشبيهات وصور لنزار ومجازات أحيانا تثير تقززي

    لاني ارى ان تشبيهاته تثير تقززي دائماااا

    ناهيك عن تكرار القافيه والصور التي ميزته والتي انتهج بها اسلوب الاباحية والجرئة التي يتردد في طرحها العاقل
    شكرا

  3. يقول عبدالله:

    زينب السوية لأول مرة هنا : )

    تقولين : ” نعم ،جفاهم الصواب في أحايين كثيرة ”
    وأنا أتوقف هنا لدرجة أني ” أضرب بالهكّي ” وفي لغة أخرى : أتربع .
    حديثي عنهم يا زينب وعن تلك الأحايين الكثيرة ، وأنا ناقشت جزئية صغيرونية في تلك الأحايين الكثيرة كان نزار نموذجا صغيرونا ربما .
    ولا أظنك ستقرعينني إن وجهت انتقادا لهم على تقصير أو تهاون علمي أنت معي فيه كما تقولين أعلاه .
    ولسبب ما أجد أنهم مطالبون بالجدية والمسئولية أكثر مما يطالب نزار ، على الأقل انتمائي السابق الذي لم تكوني فيه أنتِ يوحي لي بذلك .
    أو فلأقل : أنا مهتم بكماليتهم أكثر من اهتمامي بنزار .
    ما علينا ..
    وتقولين : ” تقدر تقول إني أتكلم باسم من تأثرت بعقولهم، ولو أنني لا أمثل إلا نفسي.. ” هذي أغلوطة كادت أن تنطلي علي ، لا يتكلم المرء بعقليات جماعة ثم يدعي أنه صوت منفرد .
    وبيني وبينك من منا لم يتأثر ، لكن حاولي الاستقلال على الأقل لمصلحتي مؤقتا ما دمنا في حدود هذا المربع الضجر .
    حديثك عن احتواء الآخر منعدم الإنسانية لانعدام أدبه أو قلته على قولك أثارني .
    أثارني بمعنى أمتعني أن هناك عقول واسعة هكذا ، أو على الأقل ” ترافس” لتتسع دائرة وعيها .

    أما عن القص الإسلامي فكنت أتمنى مشاركتك لتنقية رأسي فقط ، أنا واحد أناني مرات .
    وكل ما أكتبه في قسم جذاذات عبارة عن إشكال علمي أو فكري لم أتوصله فيه إلى نتيجة ، لكني سأصل إن شاء الله .
    ………..
    عابرة يالله عاااااد ، تبين تقولين أنو حتى اعتذارها عن التعليق السابق كان رأيك ؟ طيب حتى النقاط والأقواس والشسمه ، بس خلاص شكرا لمرورك .
    أما تعليقها السابق آذاني جدا .

  4. يقول عابرة:

    هذا رأيي تماماً زينب، شكرا لأنك دونته، ومنحتني هذا الصوت.

  5. يقول زينب:

    كلام جميل..

    ولكن، كما تطالب النقاد بإحسان الظن في نزارك، أنا أطالبك بإحسان الظن فيهم إذ لا أظن أن ثمة عداوة شخصية بينهم وبين نزار الإنسان، وإنما أُحسن الظن في نواياهم التي ثارت فيها شهامة المسلم( بغض النظر عن استحقاقية الأمر أم لا!).

    نعم ،جفاهم الصواب في أحايين كثيرة، ولكن توظيف الدين بهذه السطحية لقصد المتعة الحسية أمر لايقبله ((من خاف “مقامي” و خاف وعيد)).. عظمة الله تتنافى من هذا الابتذال وإن كان مسوّغاً أدبياً ..

    نحن كمسلمين وعرب نتنفس الشعر حباً، العربية والقرآن أحالانا شعراء أو متذوقين أجلاء من حيث لاندري، ولذا فنحن لانتساهل في أمور كثيرة “إن هي صدرت من أبناء عمومتنا”>>لاحظ @@.استجابة لأمر النهي عن المنكر يعني..لأننا نقدّر الأدب والله ونعرف أثره العظيم في النفوس على المديين القريب والبعيد.. لأننا لانريد أن يكون الباب الذي نعصي به الله هو ما حببنا الله به في المقام الأول.. (اشفيني أتكلم بـ نا المتحدثين؟ .. ) .. تقدر تقول إني أتكلم باسم من تأثرت بعقولهم، ولو أنني لا أمثل إلا نفسي.. ما علينا!

    عموماً انسانيتي تحب الله بالأدب، ولاتصدقني!

    نعم،نبالغ أحياناً ولكن أليس الحرص وإن وصل إلى حد الهوس أفضل من اللاحرص؟ من باب سد الذرائع يعني.. شيء في داخلي ينتفض حينما يتم الاستخفاف بألفاظ ذات قيمة لخدمة تشبيه رخيص.. أفتلومني؟

    بالمناسبة.. أختلف مع أكثر مدوناتك، أتمنى أن أوافقك يوماً! .. بالنسبة للمدونة “القص الإسلامي” .. أختلف معها اختلافاً مرعباً.. ولن أرد رفقاً بك.. أو لأكون أكثر صدقاً: “بي” في المقام الأول.

    أوتدري، استمر في الاستنتاجات الدرامية.. ثقتي في العقل البشري توازي عدم يأسي من روح الله :-) وأساوم على إنسانية البشر رغم كل شيء.. لامجال للعداوة بين الفريقين إن سرنا في طريق فهم وجودنا في المقام الأول.. ومن الأمر يندرج كل مايمت للإنسانية بسبيل.. أدبياً كان، أم قليلَ أدب! ولو أنني لا أرى في انعدامه انسانية، وهنا يأتي الرفق بالآخر منعدم الأدبالانسانية لتتجلى لنا الانسانية في أبهى صورها! (فهمت شي؟) .. يلا، سأعوّل الكثير على احتمالية وضوحي المفتعل.

    عموماً، أعتذر عن تعليقي السابق.. أسلوبه لايمثلني ولكنني استُفززت به لسبب في نفس يعقوب.

اترك لي أثرك