محمد بن سلمان في الميزان - وسوم عبدالله السالم : مدونة شخصية قطرية ثقافية

محمد بن سلمان في الميزان

محمد بن سلمان

 الأمير محمد بن سلمان هو ولي العهد السعودي، بمعنى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز هو الحاكم وصاحب القرار الأول، أو هذا هو المُفترض.

لكني مقتنعٌ والكثير مثلي أن المتصرف الحقيقي هو الأمير محمد بن سلمان وليس الملك، وذلك لأسباب واضحة سأجملها هكذا:

  • كبَر سن الملك.
  • أمراض الشيخوخة.
  • غياب الملك عن الظهور الإعلامي إلا فيما ندر.
  • تولي الأمير محمد بن سلمان زمام الأمور، والظهور في الإعلام وكأنه صاحب القرار الأول.

وسواء كان تولي الأمير لشؤون الحكم التفصيلية بعلم الملك وتفويض منه أو بدون علمه، فإن النتيجة واحدة عندي.

وقد اختلف الناس كثيرًا في كفاءة محمد بن سلمان لقيادة المملكة العربية السعودية على رأيين:

  1. أنه رجل مليء بالإيجابيات ولا يخلو أحد من سلبيات، وبالتالي فهو صالح للقيادة بل الأصلح.
  2. أنه رجل مليء بالسلبيات إلى حد لا قيمة فيه للإيجابيات القليلة، وبالتالي فهو لا يصلح.

فدعونا نسرد ما نعرفه من إيجابيات وسلبيات للرجل.

إيجابيات محمد بن سلمان

أمير شاب

وذلك لما في الشباب من حماس ونشاط وطموح شخصي، بالإضافة إلى القدرة على مواكبة العصر وفهم معطياته أكثر من كبار السن، لكن لكي تصبح هذه الصفة ميزةً للقائد عليه أن لا يستغني عن مشورة الكبار من ذوي الخبرة والاهتداء برأيهم وتجربتهم.

طلاقة اللسان

وهذه صفة أصبحت للأسف ميزةً في القائد العربي لكثرة ما نراه من القادة الذين لا يحسنون تركيب كلمتين على بعضهما، ولا يحسنون الحديث في المحافل العامة إلا عن طريق القراءة من ورقة، وفي الأغلب تكون قراءةً متعتعةً مهلهلةً تثير الضحك إن لم تثير الحرج.

كما أن حسن الكلام في الغالب دليلٌ على حسن العقل وترتيبه.

محاربة الفساد

تابعنا جميعًا اعتقال الأمير محمد بن سلمان لبعض الأمراء ورجال الأعمال في فندق الريتزكارلتون بالرياض، ويظهر أنه ضغطٌ للحصول على بعض التسويات المالية والسياسية.

البعض يرى هذا من محاربة الفساد، والبعض يرى أنه فقط صورة من ابتلاع الفساد الأكبر للفساد الأصغر؛ حيث جرت هذه الحادثة وانتهت دون أن يعرف الناس ما هي التهم الموجهة تحديدًا، وما هي التسويات والاتفاقات التي أنهتها.

الصرامة

وهذا الأمر ظاهر في الجرأة على سَجن الأمراء ورجال الأعمال وبعض القرارات الأخرى مثل سحب السفراء من أي دولة تُحرِج السعودية أو تلوِّح بمقاطعتها، بل إن الحرب على اليمن سُميَت عاصفة الحزم تبعًا لصفة الصرامة هذه.

والصرامة في القائد والعزم والحزم صفات جيدة، لا التردد والتضعضع، شريطة أن يكون الأمر المُراد تنفيذه قد أخذ حقه من النظر والدراسة والمشورة، ولم يبق بعد ذلك إلا العزم والتوكل على الله والبدء فيه.

وذلك لأن الحزم في الأمور غير واضحة النتائج تهور وطيش قد يعود عكسًا فيفسد أكثر مما يصلح.

حقوق المرأة

عانت المرأة السعودية لسنين من الاضطهاد والتمييز في ضوء سلطة الأدبيات الاجتماعية المبثوثة في العادات والتقاليد والأعراف، وقد ازدادت هذه السلطة قوةً بمسايرة الدولة لها في العلن من خلال تشريع بعض القوانين واللوائح التي تحدّ من حرية المرأة المشروعة أو من خلال دعم المؤسسة الدينية، وتحديدًا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كان جلَّ ما يشغلها هو مراقبة المرأة، ومحاسبتها على ما تصنفه من المحظورات الشرعية.

في عهد محمد بن سلمان أصبحت المرأة أكثر حظا فسمح لها بقيادة السيارة والتخفف من سلطة الولي.

في المقابل، تم اعتقال العشرات من الناشطات الاجتماعيات في السعودية، وبعضهن في المعتقل لوقت هذه التدوينة لمناداتهن بحقوق المرأة مثل: السماح بقيادة المرأة والتخفف من سلطة الولي وحرية الرأي.

الاعتدال الديني

 تعاني السعودية منذ فترة طويلة من طغيان المذهب الديني المتشدد في المدرسة الفقهية الاجتهادية.

فعادةً يجنح العلماء والمفتون في السعودية إلى الرأي الفقهي الأكثر حزمًا من تحريمٍ أو وجوب، مع التوسع في باب سد الذرائع والعُرف.

والحديث هنا ليس عن الأصول الشرعية الثابتة، وإنما عن المسائل الاجتهادية سواء في الأصول من تراثنا العقدي أو في الفروع الفقهية فيما يتعلق بحياة الناس؛ من لبس ومأكل ومشرب وتعامل يومي في شؤون الحياة.

وقد كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بما لها من سلطة حكومية- تمثل هذا التدخل السافر للاجتهادات الدينية في حياة الناس اليومية، وقد تم حلها في عهد الأمير محمد بن سلمان.

السخاء

بالإضافة إلى السخاء الواضح في ميزانيات المشاريع والخطط العامة التي يعلن عنها الأمير محمد بن سلمان، فإنه يدور في المجالس الخاصة أيضًا أن الرجل سخيٌّ مع أتباعه وحاشيته وموظفي ديوانه وسفاراته؛ خصوصًا من يسافر معه في السفرات الخارجية، حتى صغار الموظفين في الديوان أو السفارات والقنصليات.

المشاريع الحديثة

في عهد محمد بن سلمان تم الإعلان عن خطط وبرامج ومشاريع حديثة كثيرة ووعود أكثر، لا يستطيع أحد الجزم بمصداقية هذه الإعلانات والوعود، أو ما تعود به على الوطن والمواطن من نفع إلا بعد إنجاز تلك المشاريع والوفاء بتلك الوعود، ومن ذلك: 

إنشاء مصانع محلية للسلاح، إنشاء مصانع محلية للسيارات والطائرات، مشروع البحر الأحمر، برنامج جودة الحياة 130 مليار$، مشروع مدينة نيوم 500 مليار$، مشروع أمالا السياحي، مشروع العلا، مشروع الطائف الجديد 11 مليار$، مشروع المحميات الطبيعية، مشروع مدينة الفيصلية، مشروع القدية الترفيهي 10 مليار$، مشروع شرق سلوى وغير ذلك.

سلبيات محمد بن سلمان

حرب اليمن

الحرب على اليمن ابتداءً هو اعتداء سافرٌ على جار مسلم عربي، ولا يمكن تبرير هذا الاعتداء تحت أية ذريعة سياسية تهوّن من أمر الدماء والقتل والخراب لتحقيق أهداف سياسية أو أيديولجية.

بمعنى أن التخطيط والتدبير السياسي لتقليم أظافر المد الإيراني في المنطقة شيء، والاعتداء على اليمن وتدمير أرضها وترويع أهلها بحجة محاربة الحوثيين شيء آخر، ولا يمكن بحال من الأحوال قبول هذه الوسيلة لحقيق تلك الغاية.

حصار قطر

حصار قطر تسبب في صناعة أزمة سياسية وإنسانية بين حكام دول الخليج وبين شعوبها أيضًا، ومزق آخر كيان وحدوي في خريطة الدول العربية، وهو مجلس التعاون الخليجي.

ولا أسوأ من هذا القرار الطائش بعد ثبوت فشله إلا الإصرار عليه ورفض كل وساطة لبحث إمكانية المصالحة الخليجية.

سوء العلاقات الدولية

منذ تولي الأمير محمد بن سلمان دفة القيادة، والسعودية تقدم على التورط في إفساد العلاقات مع بعض الدول والجماعات والأفراد؛ سواء بالحرب المباشرة أو الحصار أو قطع العلاقات الدبلوماسية أو إضعافها، ومن ذلك الحرب على اليمن وحصار قطر والأزمة الدبلوماسية مع كندا وألمانيا واحتجاز الحريري رئيس وزراء لبنان السابق، والعداء السري لتركيا والعلني لجماعة الإخوان المسلمين.

تجاهُل إهانات ترامب المستمرة

يستخدم الرئيس ترامب إزدراء السعودية تحديدًا علامةً مسجلةً لحملاته الانتخابية وتصريحاته الإعلامية، فهو لا يتوانى أبدًا من تكرار قوله: السعودية ليس لديها شيئ سوى المال، وعليها أن تدفع لنا مقابل حمايتها وتثبيت حكَّامها فهم لا يستطيعون البقاء في الحكم لأسبوعبن لولا حماية أمريكا.

وهذا ما جسَّده ترامب عند لقائه بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض؛ حيث أبرز في وجهه بلا أدنى تردد وبطريقة استفزازية مجموعة من اللوحات المختصرة بمطالب أمريكا من المال على شكل صفقات واتفاقيات تجارية.

استشارة غير الأكفاء

يتخذ محمد بن سلمان مجموعةً من صغار السن نسبيًّا للرأي والمشورة، والمشكلة ليست في حداثة أسنانهم وحدها، بل لافتقارهم إلى أهم صفات المستشار مثل المعرفة والثقافة والاطلاع والحكمة ورزانة العقل.

والمتابع لسلوك بعض مستشاريه في الإعلام، يجد أنهم على النقيض تمامًا من الصفات المذكورة.

فمثلا المستشار تركي آل الشيخ؛ شخص هزلي قفز على الدولة من ثقافة الأغاني والحفلات والتسلية والترفيه والفنانين والنوادي الرياضية.

والمستشار سعود القحطاني؛ شخص طائش قفز على الدولة من ثقافة القبيلة والنعرات والتهييج العاطفي غير المسؤول (الهياط) وهو الآن متهم في جريمة قتل خاشقجي.

البطش بالمخالفين في الرأي

الحماس الزائد والطيش الشبابي والسلطة المُطلقة والقوة الأمنية والغطاء الأمريكي، إذا اجتمعت في أي شخص صنعت منه فرعونًا صغيرًا يسرح ويمرح في حقوق الناس بلا حساب.

يقبع في السجون السعودية آلاف من معتقلي الرأي من العلماء والدعاة والأكاديميين والإعلاميين والحقوقيين والناشطين الاجتماعيين والسياسيين، بل وحتى الإصلاحيين اللطفاء من الرجال والنساء، وقد شهدت مرحلة محمد بن سلمان موجةً إضافيةً من الاعتقالات النوعية الجريئة لبعض الرموز والشخصيات ذات الثقل الشعبي أو الديني من الأمراء ورجال الأعمال وكبار الضباط وموظفي الدولة وشيوخ الدين، مثل:

الأمير متعب بن عبدالله، وزير الحرس الوطني السابق.

الأمير تركي بن عبدالله، ابن العاهل السابق وأمير منطقة الرياض.

الأمير الوليد بن طلال، رجل الأعمال العالمي الشهير.

رجال الأعمال وكبار الموظفين والعسكريين: صالح كامل، وليد آل إبراهيم، إبراهيم العساف، عبدالله السلطان، بكر بن لادن، عمر الدباغ وغيرهم.

شيوخ الدين والعلماء والدعاة : د. سلمان العودة، د. سفر الحوالي، محمد المنجد، د. عبدالعزيز الفوزان، د. عوض القرني، د. علي العمري وغيرهم. 

معتقلي الرأي: أعضاء جمعية حسم، عبدالله المالكي، عصام الزامل، د. فهد السنيدي،د. يوسف الأحمد، وغيرهم.

معتقلات الرأي: د. رقية المحارب، د. هتون الفاسي، عزيزة اليوسف، لجين الهذلول، وغيرهن.

قتل خاشقجي

جريمة قتل خاشقجي رحمه الله جريمة وحشية بكل المقاييس، وهي تكشف السقف اللامحدود للبطش بالمخالفين ومعتقلي الرأي داخل السجون السعودية، فإذا كان فعل النظام بشخص خارج سلطاته وحدوده بهذا المستوى من التوحش والدموية، فهو بمن هم داخل سجونه أنكى وأشرس.

والتستر على جريمة خاشقجي لا يقل جرمًا وتخبطًا من الجريمة ذاتها، وبالرغم من براءة محمد بن سلمان من التورط قانونيا في الجريمة حتى الآن إلا أن كل المؤشرات تشير إليه.

كما أن التعامل مع القضية حتى الآن لا ينم عن جدية صادقة في تقديم المتهمين إلى العدالة، وأقصى ما قدمته الحكومة السعودية أنها أقالت بعض المسؤولين من مناصبهم أو جزء منها، مثل سعود القحطاني والعسيري وأعلنت عن القبض على مجموعة من الأفراد اعترفوا بالجريمة بكل تفاصيلها، لكنهم يصرون حتى الآن على التستر على مكان الجثة!

وهذه المراوغات الصبيانية المتضاربة كانت السمة الأبرز لموقف الدولة الرسمي عن القضية منذ أيامها الأولى؛ بدءًا من الإنكار ثم الإقرار ثم نفي وجود خاشقي في القنصلية ودعوة وسائل الإعلام للتأكد من ذلك، ثم بعد ذلك الاعتراف بقتله في السفارة وتقطيع جثته.

السيطرة على مفاصل الدولة

الأنظمة الملكية الوراثية في الدول الخليجية والعربية على عكس الملكية الدستورية تمنح الحاكم سلطةً مطلقةً في إدارة شؤون بلده بالطريقة التي يختارها، عادلةً كانت أو ظالمةً، وعلى هذا يستوزر الحاكم من يشاء من الوزراء، وينصّب من يشاء من الرؤساء والمدراء الموالين لشخصه إلى حد الفداء والمتفقين معه في السياسات العامة التي يراها، أما الإجراءات التفصيلية لتسيير أعمال وزاراتهم وقطاعاتهم وهيئاتهم فيتركها لاجتهاداتهم في إطار صلاحيات ممنوحة لهم بالتفويض، وبالطبع تختلف مساحة هذه الصلاحيات باختلاف أهمية القطاع وحساسيته.

هذه السلطة المطلقة تشترك فيها كل الأنظمة الملكية الوراثية على تفاوت بينها، فكلما أتاح الحاكم لمرؤوسيه المزيد من الصلاحيات لتسيير أعمالهم ضمن خطط واستراتيجيات واضحة، كلما اقترب النظام من العدل، وبهذا يضمن الحاكم تسيير العمل دون الحاجة لتدخّله المباشر، ومن ثم محاسبة المسؤول المقصر في ذلك.

نحن هنا لا نتحدث عن تلك السلطة المطلقة المشتركة بين الجميع، وإنما عن مستوى أعلى من الاستبداد والاستئثار بالسلطة إلى درجة الخطر.

فمنذ تولي محمد بن سلمان السلطة، قام ببعض التغييرات الجوهرية في بناء الدولة بحيث يكون هو المسؤول المباشر لأكثر مفاصلها أهميةً، بل وحتى الأقل أهمية، وهذه بالإضافة لكونها من المركزية الضارة التي هي من أكثر عاهات المسؤولين بروزًا في فن الإدارة العامة، فإنها أيضًا أداة سياسية تحول النظام إلى نظام سلطوي شمولي مُطلق بمعنى الكلمة، والقاعدة تقول أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

كثرة الإقالات والتعيينات

منذ تولي محمد بن سلمان السلطة، وأعضاء الحكومة في دولاب متحرك يصعد هذا ويسقط هذا في غضون سنوات وأشهر، وهذا يدل على عدم التقيد بالضوابط الإدارية في التعيين والإعفاء، بل الأمر تابع لمزاجية المسؤول الأعلى وقراره المباشر، وهو في الغالب الأمير محمد بن سلمان أو أحد أفراد طاقمه الخاص.

وقد تحولت عبارة “أوامر ملكية” إلى أيقونة للتندر والكوميديا بين الناس بما فيهم السعوديين أنفسهم، وكذلك صدورها دائمًا في منتصف الليل على غير الجدية اللائقة بالأوامر الملكية المعتادة.

تدني مستوى الإعلام السعودي

انزلق الإعلام السعودي بكافة أنواعه إلى مستوى لا أخلاقي غير مسبوق في عهد محمد بن سلمان، وظهرت لنا جيوش الذباب الإلكتروني التي حطمت في طريقها كل أطر ومبادئ الأخلاق والدين والمروءة، وهذا التدنّي الإعلامي تجلّى في مظهرين:

  1. المحتوى الهابط: إذ تساهلت المعايير والأعراف الإعلامية في السعودية بالسماح لبعض الأساليب غير المقبولة بالظهور في الإعلام السعودي، مثل اللغة السوقية، الاستهزاء السلبي، الطعن في الأعراض، السباب والشتم الصريح، التحريض والاستعداء المكشوف، التخوين بالأسماء.
  2. إعلام الأكاذيب: وهنا انحرف الإعلام السعودي في منعطف لا أخلاقي خطير بتقديم الأخبار المكذوبة بشكل فاضح لدعم وجهة النظر السعودية الرسمية في المجالات المختلفة، ونحن هنا لا نتحدث عن المنهج الإعلامي اللئيم المعروف في إخفاء بعض أجزاء الحقيقة أو تجاهلها بالكامل لتعزيز الجانب السياسي أو الأيدليوجي الذي يميل إليه المنبر الإعلامي، وإنما نتحدث عن تغيير تام للحقيقة مثل صناعة شخصيات وهمية وإجراء مقابلات إعلامية معها، أو اختلاق أخبار لأحداث لم تحدث أبدًا؛ فقط لتشويه الخصوم.

المشاركة في صفقة القرن

مشكلة صفقة القرن أنها واسعة وهلامية لدرجة أنها تستعصي على التحديد والإثبات بشكل قطعي، بل هي تقوم كي تكون صفقة القرن على هذه السرية والضبابية.

وخلاصة صفقة القرن حسب فهمي أن تصنع نموذجًا موحدًا لينسجم العالم بالكامل تحته (النظام العالمي الجديد أو العصر الجديد) من خلال محو خصوصية هوية كل مجتمع، سواء أكانت خصوصيةً دينيةً أو ثقافيةً أو وطنيةً.

ولأننا نعيش في عالمنا الإسلامي العربي فإننا لا نلتفت إلا لما يخصنا وحدنا، وإلا فإن إطار هذه الصفقة يستوعب كل ما يخالف نموذجها العام في العالم باختلافه.

وعلامة ذلك التكتلات الغريبة غير واضحة الدوافع التي تتجه لدعم فكرة ما أو إسقاطها.

وأقرب مثال هذه الأيام؛ الحرب شبه الدولية على نظام مادورو الاشتراكي في فنزويلا.

أما فيما يخص عالمنا الإسلامي والعربي فإن إسرائيل هي الممثل الرسمي لتنفيذ صفقة القرن لتشاركهما في بعض الأهداف؛ أهداف صفقة القرن وأهداف إسرائيل في المنطقة.

ومن ذلك تنميط الجماعات الإسلامية على اختلافها بصفة الإرهاب، التطبيع مع إسرائيل، الثورات المضادة، تغيير المناهج التعليمية التي تذكّر بالفروقات الثقافية والدينية بين الأمم، إشاعة ثقافة التسلية والاهتمامات التافهة والمادية على حساب الجدية والمبادئ، إبراز النموذج الأمريكي أو الغربي كمقياس للنجاح والحق وحتى الذوق، وغير ذلك.

ونحن نرى في عهد محمد بن سلمان (الدولة السعودية الرابعة) توجه الدولة إلى تبني هذه الأهداف كلها أو أغلبها، وما يصعب دعمه بشكل جليّ داخل السعودية يكون دعمه عن طريق الوكلاء والحلفاء.

نتيجة قياس محمد بن سلمان في الميزان

هذا الأمر رهن بك أنت عزيزي القارئ، وذلك أن لكل قارئ منطلقات ينطلق منها، فإذا كان القارئ إيدي كوهين أو أفيخاي أدرعي مثلا؛ فإنه سيرى بعض ما ذُكر في خانة السلبيات من الإيجابيات لديه.

أما إذا كان القارئ مسلمًا عربيًّا طبيعيًّا فإنه سينطلق من منطلقات مختلفة أخرى.

وقد وجدت في وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصًا يعتبرون الحرب على اليمن عملًا مشروعًا، واعتقال المخالفين في الرأي سياسةً حكيمةً بل حتى قتل خاشقجي رحمه الله اجتهادًا مقبولًا!

فالخلاف مع مثل هؤلاء خلاف في أصل الخير والشر والحق والباطل، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

بقي أن نقول في النهاية: اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.

د. عبدالله السالم
د. عبدالله السالم
شاعر ناقد مدون من قطر

1 تعليق

  1. يقول bouthaina:

    اسوء انجازات هذا المستبد هي التطبیع مع الصهاینه

اترك لي أثرك